كشفت دراسة حديثة عن زيادة في عدد المُهددين بفقد الرؤية نتيجة مضاعفات ارتفاع نسبة السكر في الدم التي تؤثر على شبكية العين، فما سبب الحالة؟ وكيف يمكن الوقاية منها؟
اعتلال الشبكية السكري يهدد الملايين
مرض السكري هو حالة شائعة تؤثر على أكثر من 11% من سكان الولايات المتحدة، بواقع 37.3 مليون شخص، والتي تتسبب في ارتفاع نسبة السكر في الدم، مما قد يؤدي إلى مضاعفات عديدة، بما في ذلك تطور اعتلال الشبكية السكري، وهو سبب رئيسي للعمى لدى البالغين.
قال ميتول ميهتا، طبيب عيون وأستاذ إكلينيكي مشارك في معهد غافن هربرت للعيون بجامعة كاليفورنيا، إن “اعتلال الشبكية السكري هو مرض يصيب الشبكية، وهي الطبقة العصبية في مؤخرة العين، يتسبب بتلف الأوعية الدموية في العين، حيث كل الأنسجة الحية تحتاج إلى أوعية دموية عاملة لتؤدي وظيفتها”.
وفقًا للدراسة التي نُشرت يوم 15 يونيو الماضي في مجلة “JAMA Ophthalmology”، تعد مخاطر الإصابة باعتلال الشبكية السكري أكثر أهمية مما كان يعتقد في الأصل.
باستخدام بيانات من نظام مراقبة الرؤية وصحة العين التابع لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وبيانات من مكتب الإحصاء الأمريكي، قدر العلماء أنه في عام 2021، كان ما يقرب من 9.6 مليون شخص أو 26.43% من مرضى السكري يعانون من اعتلال الشبكية السكري.
وجد الباحثون أن 1.84 مليون شخص، أو حوالي 5% من مرضى السكري، لديهم حالة تهدد الرؤية من اعتلال الشبكية السكري.
في عام 2004، كان 4.1 مليون شخص يعانون من اعتلال الشبكية السكري، و899 ألف شخص يعانون من اعتلال الشبكية السكري الذي يهدد الرؤية.
قال رونالد إل بينر، أخصائي البصريات ورئيس جمعية البصريات الأمريكية، إن مرض السكري غير المعالج أو الذي يتم التحكم فيه بشكل سيء هو السبب الرئيسي الذي يجعل الناس يصابون باعتلال الشبكية السكري، بالإضافة إلى أن نقص فحوصات العين المنتظمة تلعب دورًا أيضًا.
كيف يؤثر مرض السكري على الرؤية؟
قال الدكتور ميهتا إن مقدار ونوع تلف البصر المرتبط بمرض السكري يمكن أن يختلف من شخص لآخر، موضّحًا: “يمكن أن يسبب كل شيء من عدم وجود ضرر إلى العمى التام، وكل شيء بينهما”.
يمكن أن يسبب مرض السكري أمراضًا أخرى في العين بصرف النظر عن اعتلال الشبكية السكري، مثل التورم في جزء من الشبكية، ونزيف العين، والزرق الوعائي الجديد، وإعتام عدسة العين.
أضاف الدكتور ميهتا: “في بعض الأحيان، إذا لم يتم علاج مرض السكري بشكل كافٍ لفترة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى انفصال الشبكية وموت الشبكية”.
تحدث أمراض العيون هذه عندما تكون هناك مستويات عالية من السكر في الدم، والتي تتسبب بانسداد الأوعية الدموية الدقيقة في الجزء الخلفي من العين والتي تنتقل إلى الشبكية العين.
قالت كريستا غونزاليس، طبيبة الغدد الصماء: “يحاول جسمك تعويض هذه الأوعية الدموية المسدودة عن طريق تنمية أوعية دموية جديدة والتي لا تعمل مثل الأوعية الأصلية، ويمكنها أن تتسرب أو تنزف بسهولة أكبر”.
أعراض اعتلال الشبكية السكري
قال مايكل أبراموف، دكتوراه في طب العيون، إن “اعتلال الشبكية السكري مرض تدريجي يتطور بمرور الوقت، وفي أشد المراحل، يمكن أن تتمزق الشبكية أو تنزف، مما يتسبب في فقدان الرؤية بشكل لا رجعة فيه.”
وأضاف أن الأعراض البصرية عادة ما تكون علامة متأخرة على اعتلال الشبكية السكري.
وأوضح أبراموف: “في الواقع، يمكن أن يتطور المرض بدون أعراض ملحوظة، على الرغم من أنه لا يزال من الممكن حدوث تلف للخلايا العصبية في شبكية العين، مثل تسريب الأوعية الدموية، وتورم الشبكية، ونزيف الأوعية الدموية في الشبكية.”
وتابع: “قبل ظهور أعراض مثل الرؤية الضبابية، فإن التشخيص المبكر أمر بالغ الأهمية لأن مقدمي الرعاية الصحية يمكنهم علاج الحالة بنتائج جيدة قبل أن تتطور إلى النقطة التي يكون فيها العلاج الناجح شبه مستحيل”.
أنواع اعتلال الشبكية السكري
قال بينر إن أحد أنواع اعتلال الشبكية السكري يسمى اعتلال الشبكية السكري غير التكاثري، وهو المرحلة المبكرة من المرض حيث تكون الأعراض خفيفة أو غير موجودة.
وأضاف: “تضعف الأوعية الدموية في شبكية العين مع حدوث انتفاخات صغيرة في الأوعية الدموية، تسمى تمدد الأوعية الدموية الدقيقة، وقد تتسرب السوائل إلى شبكية العين فيؤدي هذا التسرب إلى تورم البقعة”.
وأشار أن النوع الآخر، وهو اعتلال الشبكية السكري التكاثري، هو الشكل الأكثر تقدمًا من المرض، وفي هذه المرحلة، تحرم مشاكل الدورة الدموية شبكية العين من الأكسجين،.نتيجة لذلك، يمكن أن تبدأ الأوعية الدموية الجديدة الهشة في النمو في شبكية العين وفي السائل الزجاجي الشبيه بالهلام الذي يملأ الجزء الخلفي من العين، وقد تتسرب الأوعية الدموية الجديدة الدم إلى الجسم الزجاجي، مما يؤدي إلى ضبابية الرؤية “.
وواصل بينر: “تنمو أوعية دموية جديدة في المنطقة التي تستنزف السوائل من العين، ويؤدي هذا إلى زيادة الضغط على العين مما قد يؤدي إلى تلف العصب البصري المسؤول عن إرسال المعلومات المرئية إلى الدماغ، وينتج عنه فقدان شديد للرؤية أو عمى”.
التشخيص والعلاج
يمكن تشخيص اعتلال الشبكية السكري عن طريق فحص قاع العين التوسعي.
قال الدكتور ميهتا: “نفحص شبكية العين عن طريق أنواع عديدة من المسوح، مثل التصوير المقطعي البصري،وأحيانًا تصوير الأوعية بالفلورسين ، وهو حقن صبغة نباتية في أوردة الذراع”.
ويعد الذكاء الاصطناعي المستقل، وهو نظام يمكن للكمبيوتر من خلاله التقاط صور للعين، طريقة جديدة لتشخيص اعتلال الشبكية السكري، وفقًا للدكتور أبراموف.
قال الدكتور ميهتا: “إذا كنت مصابًا باعتلال الشبكية السكري، فستحتاج إلى فحص سنوي لمراقبة تطور المرض”.
وقال الدكتور أبراموف إنه “إذا تم اكتشافه مبكرًا، يمكن لأطباء العيون واختصاصيي الشبكية علاج اعتلال الشبكية السكري قبل حدوث فقدان البصر أو العمى الذي لا رجعة فيه.
وأضاف: “تشمل العلاجات زرع أو حقن أدوية مختلفة في العين، وجراحة الليزر، وجراحة استئصال الزجاجية للمراحل الأكثر تقدمًا”.
كيفية منع تلف فقد البصر نتيجة لمرض السكري
أشارت الدكتورة غونزاليس أن الرعاية الوقائية هي الطريقة الأساسية لمكافحة ارتفاع معدلات الإصابة بمرض السكري، وبالتالي اعتلال الشبكية.
وقالت غونزاليس: “إن تحسين الفوارق في الرعاية الصحية، وضمان حصول مرضى السكري على الفحص المناسب، والتدخل المبكر، يمكن أن يساعد في منع معدلات زيادة اعتلال الشبكية السكري”.
من جهته، قال الدكتور أبراموف إن إحدى طرق القيام بكل هذه الأشياء هي من خلال التبني الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي المستقل، والذي يمكنه فحص المرضى في مكتب طبيب الرعاية الأولية.
وأوضح: “بواسطة الأداة، يمكن أن يخضع المزيد من مرضى السكري لفحص اعتلال الشبكية السكري قبل ظهور الأعراض، وتجنب فقدان البصر والعمى”.
وتوصي جمعية السكري الأمريكية مرضى السكري بإجراء فحص للعين مرة واحدة على الأقل في السنة، حيث أن “الاكتشاف والعلاج المبكر يمكن أن يحد من احتمالية فقدان البصر بشكل كبير نتيجة لاعتلال الشبكية السكري”.
بحلول 2050 سيصاب أكثر من 1.3 مليار شخص بالسكري.. لماذا؟