تُعوّل الولايات المتحدة كثيرًا على زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، اليوم الخميس، إلى واشنطن، في رسم حدود جديدة لمستقبل العلاقات الهندية – الأمريكية وتشكيل النظام العالمي.
واستقبل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مودي بحفاوة في البيت الأبيض، ضمن بروتوكول لم يُجرى إلا مرتين فقط منذ تولي بايدن السلطة مع كلا من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك.
ومن المنتظر أن تُجرى نقاشات بين مودي وبايدن، تعقبها مأدبة عشاء على شرفه، إلى جانب لقاءات مع رؤساء كبرى الشركات الأمريكية، وكلمة سيلقيها أمام مجلس الشيوخ وأخرى للأمريكيين من أصول هندية.
نفوذ الهند
في وجهة النظر الأمريكية، فالهند هي القوة المقابلة للنفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، واللذان تسعى أمريكا لتعزيز سلطتها فيهما، وفق تقرير نشرته بي بي سي.
وفي حين أن الولايات المتحدة تحاول مؤخرًا احتواء الصين، خصوصًا بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى بكين، إلا أن العلاقات المتوترة بين البلدين على مدار عقود تُعد السبب الرئيسي في التقارب الهندي الأمريكي.
وعلى الرغم من أن الهند لم تحبذ وضعها في مقارنة أمريكية مع جارتها الصين، إلا أنها لم تتراجع عن اتخاذ خطوات أثارت غضب الصين خلال العام الماضي، ومنها إجراء تدريبات عسكرية مع القوات الأمريكية في ولاية أوتاراخاند التي تشترك مع الصين في مجاورة الهيمالايا.
كما أن نيو دلهي لم تأبه بغضب بكين، واستمرت في أنشطتها ضمن مجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان.
وبالطبع فإن الهند تعي جيدًا لفرصتها كمنافس قوي للصين، والتي تمكنها أن تكون البديل الصناعي الذي تبحث عنه دول العالم والشركات العالمية لتنين آسيا.
وانعكس هذا الإدراك على دبلوماسية دلهي التي أصبحت أكثر حزمًا، مدفوعة بالمستقبل الواعد لاقتصادها الذي يتواءم مع جغرافيتها السياسية.
مصالح مشتركة
سينصب جزء كبير من النقاشات بين بايدن ومودي على الصين – حتى وإن لم يتم ذكر ذلك بشكل مباشر – إلى جانب كيفية تعزيز تواجدهما في منطقتي المحيط الهندي والهادئ.
وتدرك الهند قيمة علاقتها مع الولايات المتحدة في تعاملها مع الصين، ولكن ما يهم واشنطن في النهاية هو ستفعله الهند وليس الكلم فقط، وفق ما قالته مديرة مشروع الهند في معهد بروكينغز بواشنطن العاصمة، تانفي مادان.
ويملك الطرفان وجهات نظر مشتركة فيما يخص أمن الملاحة في كلا من المحيط الهندي المهم بالنسبة للهند، والمحيط الهادئ ومنطقة جنوب بحر الصين ذو الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة، بحسب مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن، مايكل كوغلمان.
التعاون الدفاعي
تمتلك الولايات المتحدة والهند مواقف مختلفة عن الحرب في أوكرانيا، فبينما تدعم واشنطن كييف بشكل واضح، اختارت دلهي أن تلتزم مبدأ الحياد في رؤيتها للحرب.
ربما يكون الموقف الهندي نابعًا من طبيعة العلاقات مع موسكو، إذ تعتمد دلهي عليها في 50% من وارداتها الدفاعية، أو يرجع إلى سياسة عدم الانحياز التي تتبعها منذ سنوات، رغبة في ألا تُحسب على قوة بعينها.
وفي كلتا الحالتين، ترى مادان أن هذا الخلاف في وجهات النظر لم يؤثر على علاقة واشنطن ودلهي، بل إنه أحيانًا ما يُعتبر حافزًا لإدارة خلافاتهما.
ومن بين المحاور الأخرى التي ستشملها النقاشات الرئيسية بين الزعيمين ستكون الدفاع وإدارة سلسلة التوريد العالمية، والتكنولوجيا وتحديدًا سوق أشباه الموصلات الذي تسيطر عليه الصين.
بما أن الهند هي أكبر مستورد للأسلحة في العالم، فتسعى واشنطن لعقد صفقات ضخمة يمكن من خلالها أن تستغل المساحة التي تركتها موسكو وهي أكبر مورد لـ دلهي بـ 45%، بعد أن انخفضت من 65% في عام 2016.
ومؤخرًا ارتفعت نسبة واشنطن من توريد الأسلحة للهند، ولكنها لم تتعد الـ 11%، ومن المتوقع أن تشمل الصفقات شراء الهند للطائرات بدون طيار من طراز MQ-9A “ريبر”.
ويرى كوغلمان أن الولايات المتحدة تعامل الهند مؤخرًا بنفس النهج الذي تتبعه مع حلفائها، وهو ما يعطي مؤشرات إيجابية على التعاون الدفاعي بينهما.
التجارة
في حين أن الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للهند، إلا أن البلدين بينهما خلافات كبيرة فيما يخص التعريفات الجمركية وضوابط الصادرات.
ووفق كوغلمان فإن هذه الخلافات ستجد الوقت المناسب لمناقشتها، إذ تُعطى الأولوية للمجالات الأكثر أهمية مثل الدفاع التكنولوجيا.
وستكون هذه الخلافات ضمن المناقشات التي ستتناول سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة كوفيد-19، واحتكار الصين.
“إيلون ماسك” في زيارة للصين رغم توتر العلاقات بين “واشنطن” و”بكين”.. لماذا؟
الزيارة الحاسمة.. على ماذا ستركز محادثات واشنطن وبكين؟
بعد اجتماع بلينكن والرئيس الصيني.. هل هدأت الأمور بين “بكين” واشنطن”؟