قد يتردد على مسامعك أسماء لأشهر الموسيقيين في العالم مثل موتسارت وشوبان، حتى ولو لم تكن مهتمًا بالموسيقى، ولكن بالنسبة لـ جوزيف بولوني، فالوضع مختلف، إذ إنه أشهر موسيقي ربما لم تسمع به من قبل.
من هو؟
جوزيف بولوني، المعروف أيضًا باسم شوفالييه دي سان جورج، هو جندي ورياضي وعبقري موسيقي وثوري أيضًا، لقد كان أحد أبرز النخب للمجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر.
ولد بولوني في عام 1745، في جزيرة كاريبيه تدعي غوادلوب، والتي أصبحت جزءًا من إمبراطورية فرنسية كبيرة في الأمريكتين.
كانت والدته مستعبدة سنغالية تُدعى نانون، ووالده جورج بولوني صاحب مزرعة بيضاء، وبشكل غير عادي بالنسبة لطفل غير شرعي من تراث مختلط، حصل بولوني على اسم والده الأرستقراطي.
كان جورج بولوني حريصًا على أن يتلقى ابنه تعليمًا جيدًا، ولذلك تم إرساله إلى فرنسا لتلقي دروسًا في الأدب والمبارزة، كما أنه أبدى مهارة كبيرة في مجال الرياضة.
مهاراته ومواهبه
تمكن بولوني من خلال ذكائه وجاذبيته، إلى جانب العلاقات الاجتماعية لوالده، من الوصول إلى دوائر النخبة في المجتمع الفرنسي.
وإلى جانب المهارات السابقة، كان بولوني ملحنًا وموسيقيًا بارعًا أيضًا، وكان يحترف الكمان بشكل أساسي.
وبحلول عام 1761، أصبح بولوني عضوًا في الحرس الملكي Gendarmes de la Garde، كجندي وموسيقي، وفي هذا الوقت تقريبًا أصبح معروفًا باسم شوفالييه دي سان جورج.
تقديرًا لمهاراته كمبارز وفارس، تمت دعوته للانضمام إلى حفلة موسيقية مرموقة مخصصة للهواة، كأول عازف كمان، والذي أصبح رائدًا فيها بحلول عام 1773.
موسيقى بولوني
كملحن، تخصص بولوني في أسلوب جديد باسم “Symphonie concertante”، والذي يتنافس فيه عازفان منفردان في الأوركسترا، وكأنها منافسة راب ولكن بأدوات فخمة.
وبحلول منتصف سبعينيات القرن الثامن عشر وتحديدًا 1770، أصبحت بولوني مشهورًا في باريس، إذ تم وصفه في الصحف بأنه أفضل ملحن وموسيقي في المملكة.
وفي حين أن الأمور كانت تسير على ما يرام بالنسبة لبولوني، لكنه ظل يعاني من العنصرية الصريحة.
إذ قدمت بعض النساء القائدات في الأوبرا شكوى إلى الملكة ماري أنطوانيت، ضده عندما كان مسؤولًا عن الأوبرا.
وعلى الرغم من هذه المحاولة لتخريب مسيرته، حظى بولوني بتأييد الكاتبة المسرحية المؤثرة مدام دي مونتيسون، والتي أوكلت إليه إدارة مسرحها الخاص.
وقدمته لزوجها المرموق، دوق أورليانز، إذ نشأت بينهما صداقة قوية، تعرض بولوني بسببها إلى صدمة عند وفاة الدوق في 1785.
دوره خلال الثورة الفرنسية
خلال زيارة إلى لندن، التقى بولوني بأرستقراطيين آخرين مثل شوفاليه ديون، والذي يُقال أنه أحد المتحولوين جنسيًا، بالإضافة إلى ويليام ويلبرفورس، وهو أحد دعاة إلغاء عقوبة الإعدام.
في غضون ذلك اندلعت الثورة الفرنسية، وبدأت موجة من الإعدامات، وعلى الرغم من علاقاته الأرستقراطية، انحاز بولوني إلى الثوار.
وأصبح نقيبًا في الحرس الوطني، ثم عقيد في كتيبة الجنود الخاصة به، والتي تضمنت العديد من أصحاب البشرة السمراء.
وبمرور الوقت، أصبحت الثورة أكثر راديكالية، وتمت مكافأة بولونوي من خلال الزج به إلى السجن.
وفاته
في جو يسوده الشك والعنف، بين الثوار المتناحرين كان بولوني قابعًا في السجن منذ 18 شهرًا، حتى توفى عام 1799، عن عمر يناهز 53 عامًا، بعد أن تسببت قرحة في رجله في إصابته بالغرغرينا.
وبعد وفاة بولوني بفترة قصيرة، استولى نابليون على السلطة في فرنسا، وأعاد العبودية في المستعمرات الفرنسية.
قاوم سكان غوادلوب هذا القرار، وهو ما أدى إلى وفاة حوالي 6 آلاف منهم، كما حظر نابليون موسيقى بولوني، في محاولة لمحوه من التاريخ الفرنسي.
ولكن المجتمعات الأفرو- كاريبيه داخل فرنسا وفي غوادلوب ومارتينيك، عملت بجهد لحفاظ على إرثه حيًا، وهو ما يجعله يتمتع الآن بذكرى ثرية وحية.
فيودور دوستويفسكي.. السيرة الذاتية لكاتب “الجريمة والعقاب” وأهم مقولاته