أصيب العشرات من قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي بعد أن هاجمهم الصرب في شمال كوسوفو، خلال احتجاجات على تنصيب رؤساء بلديات من أصل ألباني، حيث اندلعت أعمال العنف بعد أن حاول المتظاهرون الصرب منع رؤساء البلديات المنتخبين حديثًا من تولي مناصبهم في بلدة زفيكان الشمالية يوم الإثنين، بعد انتخابات شهدت العديد من الانقسامات والنزاعات في أبريل الماضي
خلاف تاريخي
أعلنت كوسوفو استقلالها عن صربيا في عام 2008، في أعقاب الحرب التي اندلعت في 1998-1999 التي حاول فيها ألبان كوسوفو الانفصال عما كان يعرف آنذاك بجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية التي تتألف اليوم من صربيا والجبل الأسود، حيث تدخل الناتو في الحرب بحجة حماية الأغلبية الألبانية في كوسوفو.
لم تعترف صربيا بكوسوفو كدولة ويرى الصرب كوسوفو جزءًا من دولتهم وأن بلغراد عاصمتهم وليس بريشتينا، ويمثل الصرب في كوسوفو ما يقرب من عشر إجمالي السكان يعيشون في المناطق الشمالية، وقد طالبوا دائمًا بالحكم الذاتي بعيدًا عن الأغلبية الألبانية.
ومع استمرار الخلاف حاولت اتفاقية بروكسل لعام 2013 التي تم التوصل إليها بوساطة الاتحاد الأوروبي تطبيع العلاقات بين البلدين، وبموجب هذه الصفقة، يمكن لصربيا إنشاء بلديات تتمتع بالحكم الذاتي في المنطقة الشمالية، ولكن يجب أن تعمل هذه البلديات تحت مظلة القانون في كوسوفو، مع بقاء شرطة كوسوفو هي القوة الوحيدة للشرطة.
رغم مرور نحو عقد من الزمان على اتفاقية بروكسل إلا أن تلك البلديات لم يتم إنشاؤها، لتستمر أزمة الخلاف حول الحكم الذاتي لصرب كوسوفو، وشهد العام الماضي عودة المناوشات عندما أرادت كوسوفو من الصرب تبديل لوحات سياراتهم الصربية إلى لوحات صادرة عن بريشتينا، مما أدى إلى استقالة رؤساء بلديات من أصل صربي في البلديات الشمالية، إلى جانب قضاة محليين ونحو 600 من ضباط الشرطة، في نوفمبر الماضي معلنون أن هذا القرار يمثل التفافًا على رغبتهم في الحكم الذاتي.
الانتخابات تجدد الخلاف
وقع البلدان اتفاقًا جديدًا في مقدونيا الشمالية، في مارس الماضي يهدف إلى تطبيع العلاقات، لكن الانتخابات المحلية في أربع بلديات في شمال كوسوفو، أعادت الخلاف إلى المشهد مرة أخرى، حيث دعا الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الصرب في المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات، واصفًا ما يحدث في كوسوفو بالاحتلال الأجنبي.
كما دعت القائمة الصربية، الحزب السياسي الرئيسي في المنطقة إلى مقاطعة الانتخابات ودعت مرشحيها إلى عدم الترشح تاركين المرشحين أصحاب الأصول الألبانية دون منافس.
بالفعل نجحت دعوات المقاطعة حيث شارك 3.5 % فقط من الصرب في كوسوفو، رغم قيام لجنة الانتخابات المركزية في كوسوفو بتغيير خططها من وضع أكشاك تصويت في المدارس المحلية، إلى إقامة أكواخ متنقلة تقوم بدوريات قوات حفظ السلام التابعة لحلف الناتو.
وفي هذا السياق قال رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي، إن هناك حملة تهديد نظمتها بلغراد ونفذت من خلال التخويف والضغط على الناخبين.
وتعد بلدية زفيكان هي شرارة اندلاع الاحتجاجات مرة أخرى، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 16800 نسمة بينهم 500 فقط من أصول ألبانية، وحصل العمدة الألباني المنتخب حديثًا في زفيكان بالكاد على 100 صوت، مما أثار احتجاجات واسعة مفادها أن سلطته غير شرعية.
الاعتداء على قوات حفظ السلام
ألقى متظاهرون من أصول صربية زجاجات حارقة على قوات الناتو في كوسوفو (كفور) واستخدموا الهراوات لضرب دروع قوات مكافحة الشغب، مما أدى إلى إصابة 30 من قوات حفظ السلام بكسور وحروق من العبوات الحارقة، فيما أصيب ثلاثة جنود جراء استخدام الأسلحة النارية، بحسب ما أعلنت كفور.
وقالت بعثة حفظ السلام إنها عززت وجودها في شمال كوسوفو بعد أن تولى رؤساء البلديات المنتخبون حديثًا من أصل ألباني مناصبهم في مناطق غالبية صرب كوسوفو.
رد الفعل الأوروبي والصيني
أدان القادة الأوروبيون أحداث العنف وقال جوزيب بوريل، رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إنه كان على اتصال بكل من كورتي وفوتشيتش وطلب من “الطرفين اتخاذ تدابير عاجلة لتهدئة التوترات على الفور ودون قيد أو شرط”.
كما أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا شددت فيه على ضرورة أن يظهر الطرفان المسؤولية من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات مما يحقق السلام والازدهار للمواطنين الصرب والكوسوفيين.
بينما كان للصين رأي آخر حيث أكدت دعمها لجهود صربيا في حماية سيادتها ووحدة أراضيها.
مستقبل غامض للأزمة
لم تتضح بعد أي ملامح لحلول للأزمة في القريب العاجل حيث نشر “ناتو” المزيد من قوات حفظ السلام، في الوقت الذي أكد فيه رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي أنه لن يسحب ضباط شرطة كوسوفو من بلديات شمال البلاد مع تصاعد التوترات، مبررًا ذلك بضرورة الدفاع عن سيادة القانون والحفاظ على النظام والسلام والأمن، لكي تكون البلدية للجميع.
ومن الناحية الأخرى يسعى الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إلى حشد المزيد من المؤيدين عبر استخدام العبارات القومية، بعد اهتزاز ثقة الجماهير به عقب حادث إطلاق النار الجماعي الذي هز صربيا في وقت سابق من هذا الشهر وأسفر عن مقتل عشرات الأشخاص، معظمهم من الأطفال.
كما خرجت تظاهرات حاشدة في شوارع بلغراد للاحتجاج خارج السفارتين الفرنسية والألمانية، حيث وجه أنصار فوتشيتش غضبهم تجاه المروجين الأوروبيين لاستقلال كوسوفو.
من هم المرشحون المحتملون لقيادة “الناتو”؟
الناتو يُرحّب بانضمام فنلندا …والأمين العام يوجه رسالة للعالم
ما هي ردود الفعل الروسية المتوقعة على انضمام فنلندا إلى حلف الناتو؟