يبدو أن التخوفات من الأزمة المحتملة لعجز الولايات المتحدة عن سداد ديونها، غير مقتصرة على الداخل الأميركي فقط، إذ يتصاعد القلق لدى الصين واليابان من خطورة التداعيات.
ويراقب البلدان بحذر ما ستحمله نتائج المفاوضات الحالية بين رئيس الكونغرس، الجمهوري كيفن مكارثي، والرئيس جو بايدن، في محاولة للتوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين قبل حلول يونيو المقبل، وهو الموعد المقرر لسداد الولايات المتحدة لديونها.
استثمارات البلدان
تُعتبر الصين واليابان هما ثاني وثالث أكبر اقتصادات العالم على الترتيب، ولدى البلدان استثمارات تُقدر بـ 2 تريليون دولار في سندات الخزانة الأمريكية، أي ما يتجاوز ربع الاستثمارات الأجنبية كافة في هذه السندات.
وعلى مستوى العالم، تُعد سندات الخزانة الأمريكية من بين الاستثمارات التي تتميز بأعلى درجات الأمان، وهو ما دفع الصين لأن تزيد من حيازتها لها، لتبلغ قيمة استثماراتها في عام 2013 حوالي 1.3 تريليون دولار.
وحاليًا فاليابان هي أكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة بحوالي 1.1 تريليون دولار، وحملت طوكيو الراية من بكين التي ظلت لأكثر من 10 سنوات الدائن الأكبر لواشنطن.
وتقدمت اليابان بعد توترات بين بكين وواشنطن في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو ما دفعها لتقليص ممتلكاتها من هذه السندات لتبلغ حاليًا 870 مليار دولار.
ولذلك فإن انهيار الاقتصاد الأمريكي سيترتب عليه بالضرورة انخفاض في قيمة هذه السندات، وهو ما سيؤثر بدوره على اقتصاد اليابان والصين.
كيف سيتأثر اقتصاد الدولتان الآسيويتان؟
انخفاض قيمة السندات سينعكس على احتياطيات البلدان من العملات الأجنبية بالانخفاض، وبالتالي تقليص حجم السيولة المالية المتاحة لاستيراد المنتجات الأساسية، أو تسديد الديون الخارجية، أو حتى لتدعيم العملة الرسمية، بحسب ما قاله المحللان من مركز GeoEconomics التابع للمجلس الأطلسي، جوش ليبسكي وفيليب مينج.
ولكن تبقى تلك التأثيرات ثانوية، بجانب ما سيطال الاقتصاد العالمي من ركود، جراء تراجع الاقتصاد الأمريكي الذي يمكن أن يحدث إذا تخلفت عن السداد، وهو ما يصفه المحللون بأنه “خطر حقيقي”.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمر قد يكون ضربة لاقتصادات الصين واليابان التي بدأت في التعافي مؤخرًا إثر ضربات سابقة.
فمن ناحية الصين، هناك مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد خلال الشهور الماضية، بعد صحوة شهدها بعد رفع قيود الوباء في نهاية العام الماضي، هذا بخلاف ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى مستوى غير مسبوق في أبريل الماضي بلغ 20.4٪.
وبالنسبة لليابان، فإن اقتصادها لا يزال يتعافى من الركود والانكماش اللذين طارداه لأكثر من عقد.
ولأن الصين تعول كثيرًا على قطاع التصدير في دعم اقتصادها في ظل العثرات التي تواجه القطاعات الأخرى مثل العقارات، فإن الأمر قد يكون أكثر قلقًا بالنسبة لها، خصوصًا وأن واشنطن هل أكبر شريك تجاري لبكين على الرغم من التوترات الجيوسياسية بينهما.
والأمر كذلك بالنسبة لليابان التي ارتفعت صادرتها في نهاية عام 2022 مع الولايات المتحدة إلى 10%، فيما تعتمد الدولتان على أكبر اقتصاد في العالم لدعم الشركات والوظائف لديهما، وهي نواح ستتأثر بالطبع بتفاقم الأزمة الأمريكية.
أزمة سقف الدين.. الاقتصاد الأمريكي يقترب من حافة الهاوية
اليابان في المقدمة.. أكبر الدول المستثمرة في الديون الأمريكية