سياسة

صراع النفوذ الدبلوماسي بين الولايات المتحدة والصين.. لمن التفوق عسكريًا واقتصاديًا وتقنيًا؟

النفوذ الدبلوماسي

تخشى الولايات المتحدة أن تأخذ الصين دورها في الشرق الأوسط، خاصة بعد توسّط الأخيرة بين إيران والسعودية، وينطبق الأمر نفسه على أوروبا، بعد تصريحات رئيس المجلس الأوروبي، والتي أكد فيها ميل قادة الدول الأعضاء تميل إلى الاستقلالية عن أمريكا.

من جانبها، وفضلًا عن الخطوات الدبلوماسية الأخيرة، أعلنت الصين رفع ميزانيتها العسكرية للعام 2023، مما يثير تساؤلات حول ما إن كانت قادرة على أن تصبح الصين قطبًا موازيا للولايات المتحدة، فهل الأمر ممكن بالنظر إلى الفروق في القوى بين البلدين؟

أيهما لديه القوة الاقتصادية الأكبر؟

خلال السنوات الماضية، أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، وأكبر مُصدّر للعديد من المنتجات، مثل الأجهزة الإلكترونية والملابس والأدوات الكهربائية والأجهزة الطبية والسيارات.

في الفترة من 2001 إلى 2021، ارتفعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي للصين من 1.34 إلى 17.73 تريليون دولار أمريكي، وفق بيانات صندوق النقد الدولي.

ويدل هذا الرقم على القوة الاقتصادية المتزايدة للصين إذا ما قورن بالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة البالغ 23.32 تريليون دولار أمريكي عام 2021.

وزاد من قوة الصين الاقتصادية مشروع إحياء طريق الحرير، ففي عام 2013، عندما أصبح شي جين بينغ رئيسًا للصين، أعلن عن نيته بإحياء طريق الحرير الأصلي القديم من خلال مبادرة استراتيجية تنموية حملت اسم “مبادرة الحزام والطريق”.

هذه المبادرة التي أنفقت عليها الصين المليارات حتى الآن، هي مشروع بنية تحتية ضخم يهدف إلى توسيع روابط الصين التجارية؛ من خلال بناء الموانئ والسكك الحديدية والمطارات والمجمعات الصناعية داخل نحو سبعين دولة شاركت بها من آسيا و أفريقيا والوطن العربي وغيرها، لتربط الصين بالقارة الأوروبية عبر طرق برية وبحرية.

مقارنة بين القوة العسكرية للصين والولايات المتحدة

يحتل جيش التحرير الشعبي المرتبة الثالثة على مستوى أقوى جيوش العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا وفق مؤشر “غلوبال فاير باور” لعام 2023، والذي يستخدم أكثر من 60 عاملا لتصنيف الجيوش.

ويتفوّق الجيش الصيني في أنه الأكبر من حيث العدد، إذ يصل عدد القوات إلى 1.6 مليون جندي، وهو الثاني من حيث الميزانية بعد الولايات المتحدة.

تمكنت الصين أيضًا من تجاوز الولايات المتحدة لتصبح أكبر قوة بحرية في العالم من حيث عدد السفن الحربية، إلّا أن مراقبين يرون أن هذا التفوق البحري يقتصر على الحجم بواقع 730 وحدة بحرية صينية مقارنة بـ 484 وحدة بحرية أمريكية.

وتحتفظ الولايات المتحدة بتفوق كبير في العديد من القدرات البحرية، إذ لديها 11 حاملة طائرات مقابل حاملتين للصين، كما تتفوق في أعداد الغواصات والمدمرات والطرادات والسفن الحربية الكبيرة العاملة بالطاقة النووية.

وعلى مستوى السلاح الأخطر، تمتلك الصين نحو 350 رأسًا نوويًا، وهي بعيدة جدًا عن بلوغ مستوى المخزون النووي الأمريكي الذي يحتوي على 5500 رأسًا.

ويطمح الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى تحويل جيش بلاده إلى القوة الأكبر عالميًّا بحلول عام 2049، في الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، حيث بدأ عملية تطوير للجيش منذ توليه مقاليد الحكم.

لمن التفوق التقني؟

حققت الصين طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة في مجالات تقنية عديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية.

كما أن الصين تحتل صدارة التصنيف العالمي، عبر امتلاكها ما يقرب من 40% من براءات الاختراع الأساسية لتكنولوجيا شبكات اتصالات الجيل الخامس “5G”، تليها الولايات المتحدة، بحسب تقرير صادر عن الهيئة الوطنية للملكية الفكرية الصينية عام 2022.

وفي عام 2019 أطلقت الصين خدمة الـ “5G”، التي طورتها وأعدت بنيتها التحتية سبع شركات صينية أبرزها شركة هواوي للتقنية.

لكن تلك الخدمة والتي توفر سرعات فائقة لنقل البيانات شكّلت مصدر قلق كبير للولايات المتحدة، التي حثت حلفاءها الغربيين على عدم الاستعانة بشركة هواوي لتجهيز الشبكات الخاصة بها، بحجة أن بكين يمكن أن تستخدم هذه الشركات لمراقبة اتصالات الدولة وحركة البيانات.

ولدى بكين برنامج فضائي طموح، فبعد أن قامت الولايات المتحدة بمنع الصين من المشاركة في المحطة الفضائية الدولية، احتفلت الصين آواخر العام الماضي بتشغيل محطة الفضاء الدائمة “تيانغونغ” والتي يعني اسمها “القصر السماوي”، وبذلك أصبحت الصين ثالث دولة في العالم تشيّد محطة فضائية دائمة إلى جانب أمريكا وروسيا، وواحدة من أكبر ثلاث قوى فضائية في العالم.

وفي تقنيات التواصل الاجتماعي، أثبت تطبيق “تيك توك الصيني” نجاحه بين العديد من التطبيقات الأمريكية مثل “فيسبوك”، ويرى خبراء أن التطبيقات الصينية باتت تؤثر على المنصات الغربية وفي حال تواصل تقدمها فإن عالم الإنترنت سيبدو مختلفا تمامًا عمّا نعرفه اليوم.

النفوذ الدبلوماسي الصيني يقلق الولايات المتحدة

تتبنى الصين نهج الدبلوماسية الناعمة، بمعنى أنها تلتزم الحياد في الخلافات الدولية، كما أنها لا تسعى للتدخل بالشأن الداخلي لدول العالم بحسب أقوال مسؤوليها.

ومؤخرا أعربت الصين عن رغبتها في القيام بدور وسيط سلام في الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي خطوة طال انتظارها، أعلن الرئيس الأوكراني، فولودمير زيلينسكي، عن إجراء اتصال هاتفي بنظيره الصيني، شي جين بينغ، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستعطي دفعة معنوية قوية لتطور العلاقات بين البلدين.

وخلال الشهر الماضي، حققت الصين بحسب مراقبين دوليين “اختراقًا دبلوماسيًا” باهرًا في منطقة الشرق الأوسط، عندما استضافت المفاوضات بين السعودية وإيران، التي انتهت باستئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016.

يرى محللون أن اتفاق الرياض وطهران في بكين يقلق الولايات المتحدة، خاصة الديمقراطيين، ويعني أن سياسة “احتواء الصين” لم تعد فعّالة.

 

أمريكا اللاتينية.. ملعب جديد للصراع الصيني الأمريكي والسبب “الليثيوم”

بعد المناورات العسكرية الصينية في المنطقة.. هكذا علقت رئيسة تايوان

الصين تواصل استعداداتها لضرب تايوان .. وأمريكا تراقب