شهدت العاصمة السودانية، اليوم الأربعاء، دوى إطلاق للنار وانفجارات، وهو ما يُنذر بخرق الهدنة، وسط انهيار الخدمات الأساسية وتضاؤل الإمدادات الغذائية، وأنباء عن فرار حلفاء سابقين للبشير من أحد السجون.
ومع عدم ظهور أي بوادر للتراجع في الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، قالت القوات المسلحة إن الرئيس السابق عمر البشير نُقل إلى مستشفى عسكري قبل بدء الأعمال العدائية في 15 أبريل الجاري، وفق رويترز.
مكان مجهول
وأضافت أن البشير نُقل من السجن مع 30 عضوًا سابقًا في نظامه، بينهم عبد الرحيم محمد حسين، المطلوب مع الرئيس السابق للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب وفظائع خلال صراع سابق في منطقة دارفور.
وأصبح مكان وجود البشير موضع تساؤل بعد أن أعلن وزير سابق في حكومته، علي هارون – المطلوب كذلك من قبل المحكمة الدولية لارتكابه جرائم حرب – يوم الثلاثاء أنه غادر سجن كوبر بالخرطوم مع مسؤولين سابقين آخرين.
واحتُجز آلاف المجرمين المُدانين في سجن كوبر، ومن بينهم بعض المحكوم عليهم بالإعدام، إلى جانب مسؤولين كبار وصغار من نظام البشير، الذي أطيح به قبل أربع سنوات.
انعدام الأمن
وتبادلت السلطات السودانية وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن إطلاق سراح السجناء، حيث قالت الشرطة إن مسلحين شبه عسكريين اقتحموا خمسة سجون في نهاية الأسبوع، وقتلوا عدة حراس وفتحوا البوابات.
وألقت قوات الدعم السريع باللوم على السلطات في السماح لهارون وآخرين بالخروج.
وزاد إطلاق سراح المجرمين المدانين من الشعور المتزايد بانعدام القانون في الخرطوم، حيث أفاد السكان بتفاقم حالة انعدام الأمن، مع انتشار النهب والعصابات في الشوارع.
وقالت قوى الحرية والتغيير السودانية، وهي تجمع سياسي يقود خطة مدعومة دولياً للانتقال إلى حكم مدني خرجت عن مسارها بسبب اندلاع القتال، أن “هذه الحرب التي أشعلها النظام المخلوع ستؤدي إلى انهيار البلاد”.
كان البشير وصل إلى السلطة في أعقاب انقلاب عسكري عام 1989 وأُطيح به في انتفاضة شعبية في عام 2019. وبعد ذلك بعامين، تولى الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان بدعم من قوات الدعم السريع، زمام الأمور في انقلاب.
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي البشير بارتكاب إبادة جماعية، كما اتهمت هارون بتنظيم ميليشيات لمهاجمة المدنيين في دارفور في عامي 2003 و 2004. ورفضت المحكمة الجنائية الدولية التعليق على نقل البشير وهارون وحسين من السجن، بحسب رويترز.
إجلاء الرعايا
واندلع الصراع الحالي بين الجيش وقائد قوات الدعم السريع اللواء محمد حمدان دقلو جزئيًا بسبب الخلافات حول سرعة دمج قوات الدعم السريع في الجيش في ظل الانتقال المخطط إلى الحكم المدني.
واتهم الجيش قوات الدعم السريع باستغلال هدنة لمدة ثلاثة أيام، لتعزيز نفسه بالرجال والأسلحة. وكان من المقرر أن تنتهي الهدنة مساء الخميس.
وبفضل وقف إطلاق النار كان القتال بين جنود الجيش قوات الدعم السريع أكثر هدوءًا في وسط الخرطوم.
وحوّل القتال المناطق السكنية إلى ساحات قتال، وتسببت الضربات الجوية والمدفعية في مقتل 459 شخصًا على الأقل، وإصابة أكثر من 4 آلاف، وتدمير المستشفيات وتوزيع محدود للمواد الغذائية في دولة يعتمد ثلث سكانها البالغ عددهم 46 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.
وأبلغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرثيس مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، أن وقف إطلاق النار “يبدو أنه ثابت في بعض الأجزاء حتى الآن”، إلا أن الطرفين على ما يبدو ليسا على استعداد للتفاوض بجدية.
وفي غضون ذلك، أجلت القوى الأجنبية آلاف الدبلوماسيين والمواطنين في الأيام الأخيرة، من بينهم 1674 من 54 دولة ساعدتهم السعودية.
كما غادر السودانيون مع مواطني الدول المجاورة بأعداد كبيرة. وقالت السلطات في القاهرة إن أكثر من عشرة آلاف شخص عبروا الحدود إلى مصر من السودان في الأيام الخمسة الماضية، إضافة إلى ما يقدر بنحو 20 ألف شخص دخلوا تشاد، وفر آخرون إلى جنوب السودان وإثيوبيا.
ومن المتوقع أن تقوم عدة رحلات جوية أخرى في وقت لاحق يوم الأربعاء، بإجلاء من تبقى من المواطنين الأتراك الذين عبروا الحدود إلى إثيوبيا من السودان.
جهود الإجلاء من السودان.. المملكة تمد يد العون للجميع
منظمة الصحة العالمية تحذر من “مخاطر بيولوجية” في السودان”.. لماذا؟
بالأرقام.. المملكة تواصل إجلاء مواطنيها والرعايا الأجانب من السودان