تتصاعد المخاوف مجددًا من الانعكاسات التي من الممكن أن تخلفها الاشتباكات الأخيرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، على أزمة سد النهضة المثارة منذ أكثر من عقد، وخصوصًا موقف مصر فيها.
ويأتي القلق من انزلاق السودان إلى فترة أخرى من الاضطرابات، تزامنًا مع إعلان إثيوبيا مؤخرًا استعدادها للملء الرابع لبحيرة السد الذي أنشأته في 2011، والمتنازع عليه من قبل أديس أبابا (دولة المنبع) من ناحية والقاهرة والخرطوم (دولتي المصب) من ناحية أخرى.
ارتباك سياسي
بحسب ما نقله موقع “الشرق الأوسط” عن بعض الخبراء، فإن هذا النزاع الجاري في السودان من شأنه أن يؤثر على العديد من الملفات الإقليمية بشكل مباشر وعلى رأسها سد النهضة.
وقال مراقبون إن الارتباك السياسي في الداخل السوداني نتيجة المواجهات العسكرية، سيؤدي إلى ضعف في الموقف السوداني عند إبداء أي اعتراضات متعلقة بالملء الرابع، وهو ما يزيد من المسؤولية على الجانب المصري فيما يتعلق بتحركاته الدولية والأممية لإثارة هذا الملف.
والأسبوع الماضي، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، عزم أديس أبابا على استكمال ملء السد، وقال في تصريحات تليفزيونية إن إثيوبيا لا تحتاج لإذن في ذلك، خصوصًا وأن هذا السد لن يؤثر على كلا من دولتي المصب.
وانطلاقًا من هذا الاعتقاد وعلى الرغم من أن الخلاف بين الدول الثلاث لا زال قائمًا بسبب عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول تشغيل وملء السد وبسبب قرارات إثيوبيا الأحادية، إلا أن الأخيرة أعلنت قبل أيام أنها انتهت من 90% من إنشاء السد، بخلاف انفرادها بقراري الملء الثاني والثالث خلال العامين السابقين.
انعكاسات عميقة
بدوره، وصف وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق، محمد نصر علام، استقرار السودان بأنه “مصلحة استراتيجية لمصر وللمنطقة كلها”.
وقال إن الاضطرابات السودانية ستنعكس على ملفات استراتيجية حيوية، ومن بينها الأمن المائي، مشددًا على أن تضافر الموقفين السوداني والمصري يُعتبر ضمانة حقيقية للحفاظ على الحقوق التاريخية والثابتة قانونيا لدولتي المصب.
ومنذ جلسة المفاوضات الأخيرة التي عُقدت في يناير 2021، وتشهد أزمة السد جمودًا واضحًا، وتخشى مصر التي تعاني الشح المائي نقص حصتها من مياه النيل، بينما يخشى السودان من تأثير تدفق مياه السد الإثيوبي على سدوده.
أعباء إضافية
من جانبه، اعتبر نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمختص في القضايا الأفريقية وشؤون المياه، أيمن السيد عبد الوهاب، أن النزاع في السودان سيلقي بأعباء إضافية على القاهرة في إدارة هذا الملف الحيوي.
وقال إن هذا التأثير سيتضح خصوصًا مع اقتراب الملء الرابع، وهو ما يجعل الاعتراضات السودانية على أي قرار إثيوبي “شبه منعدمة”، بخلاف بعض القضايا الأخرى التي من الممكن أن تتأثر مثل أزمة النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا.
وشدد عبد الوهاب على ضرورة تحرك القوى الإقليمية وخصوصًا مصر لوقف التناحر السوداني الداخلي، الذي ممكن أن يؤدي إلى انزلاق البلاد إلى تجارب مؤلمة عانت منها دول على مر التاريخ مثل لبنان والصومال والعراق واليمن وسوريا.
السودان| الجيش يسيطر على قواعد “الدعم السريع” في 7 ولايات.. ووساطة مقترحة من دول الجوار