مساجد تاريخية عديدة تحتضنها منطقة مكة المكرمة، بمكانة عالية عند المسلمين شأن في تاريخ الإسلام، ارتبطت بتاريخ الرسالة المحمدية وأحداثها العظام.. إليكم أبرزها
مسجد التنعيم
مسجد عائشة بنت أبي بكر الصديق أو مسجد التنعيم، يقع في الجهة الشمالية الغربية من مكة على بُعد 7.5 كيلو مترات عن المسجد الحرام شمالًا، على طريق مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهو أقرب موضع لحد الحرم.
بُني المسجد في عهد الخليفة المتوكل في عام 240هـ على مساحة 6 آلاف متر مربع، وأُعيد بناؤه وتوسعة مساحته حتى أصبحت مساحته الإجمالية 84 ألف متر تشمل المرافق التابعة له.
ولمسجد السيدة عائشة علامة فارقة يستدل بها قاصدوه، إذ يميز المسجد عن سواه الأبواب والنوافذ المرتفعة التي شيدت على أحدث طراز معماري روعي فيه الأصالة والتاريخ، ليمزج بين المعمار الإسلامي الحديث والزخارف الأثرية القديمة.
ويُعد المسجد الذي يشهد كثافة عالية في موسمي الحج والعمرة من المواقع العظيمة في تاريخ الإسلام، وبات معلمًا بارزًا، كما تُلقى به المحاضرات والدروس العلمية على مدار السنة.
ويعود سبب تسميته بمسجد السيدة عائشة لأنه بُني في المكان الذي أحرمت منه أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالعمرة في حجة الوداع سنة 9 للهجرة.
ويسمى أيضاً بمسجد التنعيم لوقوعه في حي التنعيم بعد نهاية حد الحرم من جهة المدينة المنورة، كما يعرف باسم مسجد العمرة وهو أحد المعالم الإسلامية المعروفة كونه ميقات من أراد العمرة من أهل مكة المكرمة، فعنده يحرم الحجاج والمعتمرون من أهل مكة المكرمة سواء من ساكنيها أو المقيمين.
مسجد البيعة
يقع شرق العقبة الكبرى في مشعر منى ويبعد 500 متر عن جمرة العقبة الكبرى، ويطل على منى من الناحية الشمالية في السفح الجنوبي لجبل “ثبير” المطل على شعب المعروفة باسم “شعب الأنصار” أو “شعب البيعة”.
والمسجد عبارة عن مصلى بلا سقف يحوي محرابًا وملحقًا معه فناء أكبر من مساحته وقد شهد موقعه أول بيعة في الإسلام بعد أن تمت بيعة العقبة الأولى في هذا الموضع من منى سنة 12 من النبوة التي بايع فيها 12 شخصًا من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة المنورة.
كما شهد نفس الموقع موسم حج الـ13 من النبوة بيعة العقبة الثانية التي حضرها 73 رجلًا وامرأتان من أهل المدينة المنورة، وظل شامخًا في مكانه على الرغم من كل التطورات والتوسعات التي شهدها المشعر على مر القرون وظهر المسجد بعد التطوير لمنطقة الجمرات والانتهاء منه عام 1429هـ.
بدأ المسجد بارزًا للغادي والرائح لمنى، ويتميز محراب المسجد أنه مجوف ومعقود بعقد مدبب وبه منبر وهي ظاهرة معمارية لم تشاهد إلا في مكة، أما مادة البناء فتتمثل في الحجر والآجر مع استخدام الجص في كسوة الجدران من الداخل والخارج، كما يشتمل المسجد على مصلى لا سقف له، يحوي محراباً، وبه رواقين من الجهتين الشامية واليمانية بطول 23 ذراعًا وعرض 14 ذراعًا ونصف الذراع كل منهما مسقوف بثلاث قبب على أربعة عقود وبابين، وما زال المسجد يحتفظ بشيء من مساحته ونقوشه الإنشائية الأثرية.
مسجد الجعرانة
يقع في شرق مكة المكرمة، ويبعد عن المسجد الحرام قرابة 25 كيلو مترًا، ومنه يعتمر أهل مكة المكرمة، وأعيد بناؤه على الطراز الحديث في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، على مساحة تقدر بـ430 مترًا مربعًا وبطاقة استيعابية بلغت 1000 مصلٍ، وتلقى به المحاضرات والدروس العلمية خاصة عن العمرة، وفي مسجد الجعرانة قسم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الغنائم التي اغتنموها من هوازن في غزوة حنين عام الفتح.
وقد أقام بها الرسول بضع عشرة ليلة، ثم أحرم منها ليلًا ورجع بعد أداء العمرة في الليلة نفسها وأمر جيشه بالرحيل إلى المدينة المنورة وجِعْرَانة قرية صغيرة قريبة من المسجد الحرام، تقع في وادي الجعرانة على بعد 25 كلم شمال شرق مكة المكرمة، اكتسبت شهرة تاريخية بنزول الرسول فيها وتوزيع الغنائم بها بعد عودتهم من غزوة حنين.
مسجد الحديبية
يقع على طريق جدة القديم بالقرب من مكة المكرمة ويبعد 24 كيلومترًا من المسجد الحرام وقرابة 2 كيلومترًا من حد الحرم، وبني المسجد الحديث بجوار المسجد الأثري القديم المبني بالحجر الأسود والجص.
وفي الحديبية تمت بيعة الرضوان في العام السادس الهجري، وسميت منطقة الحديبية نسبة إلى بئر الحديبية قرب الشجرة التي بايع الرسول محمد تحتها ما عرف في التاريخ ببيعة الرضوان.
وهناك رواية تعيد التسمية إلى شجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، وتعرف الآن بمنطقة الشميسي وتقع إلى الغرب من مكة المكرمة، وخارجة عن حدود الحرم، وفي هذه المنطقة في السنة السادسة للهجرة تمت بيعة الرضوان تحت الشجرة، حينما دعا رسول الله الناس إلى البيعة، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، في قوله تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) وقوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ).
وفي السنة نفسها وقع الصلح بين رسول الله والمشركين لمدة 10 سنين، وكتبه علي ابن أبي طالب ونقضه المشركون بعد سنتين ما عَجَّلَ بفتح مكة، والصلح معروف بصلح الحديبية وتقام في المسجد بعض الدروس والمحاضرات وخاصة في مواسم الحج ورمضان ويوجد به إفطار صائم خلال شهر رمضان المبارك.
مسجد الجن
يقع في أقدم الأحياء القريبة من المسجد الحرام وقرب الطريق المؤدي إلى مقبرة المعلاة، وشارع المعلاة يقع في حي الغزة في ركن مزدحم بالكثافة السكانية.
تحيط به الفنادق والمجمعات السكنية الخاصة بإسكان الحجاج والمعتمرين، وتم بناؤه في نقطة تجمع فيها مجموعة من الجن واستمعوا إلى تلاوة القرآن الكريم من النبي.
وفي مسجد الجن نزلت سورة الجن، وتقام في المسجد بعض الدروس والمحاضرات بعدد من اللغات خاصة في شهر ذو الحجة ورمضان ليستفيد منها الحجاج والمعتمرين.
ويتميز المسجد ببنائه على طراز معماري حديث وقد تم بناؤه من البلوك والخرسانة المسلحة وتبلغ مساحته نحو 500 متر مربع ويتسع لنحو 350 مصليًا، ويتكون المسجد من مصلى للرجال ومصلى للنساء بالدور العلوي، كما يحتوي المسجد على غرفة للإمام والمؤذن، كما تمت إضافة مئذنة مؤخراً إلى هيكل المسجد مما أدى إلى تحويل العمارة إلى زاوية أكثر حداثة، ويوجد في المسجد اليوم جميع المرافق الحديثة، كما يحتوي على نحو 42 نافذة زجاجية مستطيلة الشكل، موزعة على فراغات المسجد المختلفة، حيث يحتوي مصلى الرجال على 21 نافذة موزعة على الحائط الشرقي والغربي، ويحتوي مصلى النساء على 9 نوافذ زجاجية، كما تحوي المئذنة على 12 نافذة زجاجية ويزور المسجد بانتظام العديد من ضيوف الرحمن لرغبتهم بزيارته والصلاة فيه نظراً لأهميته التاريخية.
روسيا والصين.. محطات من العلاقات العسكرية المشتركة