انضمت المملكة إلى السباق العالمي لبناء المدن الذكية، والذي يستهدف التصدي إلى حركة الزيادة السكانية المضطردة في المدن التي تضم أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية، والمرشحة لتصل إلى 60% بحلول 2030.
خطط التطوير
ووفق تقرير نشرته وكالة الأنباء الرسمية “واس”، اليوم الثلاثاء، تبنت المملكة استراتيجية جديدة تعتمد على عدة تشريعات وخطط تطويرية لمعايير وأنظمة التخطيط العمراني التي تتفق ومفاهيم المدن الذكية، وتطبق تقنيات متقدمة لاستيعاب النمو السكاني المتزايد في المدن.
وراعت الاستراتيجية، دعم جوانب التنمية وطبيعة البيئة السعودية وفق أفضل الممارسات العالمية، إضافة إلى تنظيم التنمية الحضرية وتعزيز المشاركة المجتمعية والاستغلال الأمثل للموارد البلدية مثل: البيئة والإسكان والبنى التحتية والتعليم والصحة والنقل.
وتسعى المملكة من وراء ذلك، إلى الارتقاء بمستوى جودة الحياة وتعزيز البعد الإنساني في مدن المملكة ورفع مستوى المعيشة فيها مع الالتزام بتحقيق صافي الانبعاثات الصفري.
وبمشاركتها في السباق ترغب المملكة في أن تكون الرياض ضمن أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، حسبما أكد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في مستهدفاته الطموحة التي أعلن عنها خلال مشاركته في الدورة الرابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار.
وأشار ولي العهد إلى رغبة المملكة في أن يصل عدد سكان الرياض إلى ما بين 15 و 20 مليون نسمة عام 2030، مشددًا على أن المدن تشكل 85 % من اقتصاد العالم، وأن التنمية الحقيقية تبدأ من المدن سواء في الصناعة أو الابتكار أو في التعليم أو في الخدمات أو في السياحة وغيرها من القطاعات.
مؤشرات مقلقة
وتسابق الدول بما فيها العربية منها، نحو إنشاء المدن الذكية خلال القرن الحالي، ليس نابعًا من إظهار الثراء أو القوة المادية، ولكنها مدفوعة بالتغيرات الديموغرافية والثورة التكنولوجية، واكتظاظ المدن بالسكان الذي يصحبه متطلبات تنموية متزايدة لتلبية احتياجات العيش فيها.
ولذلك، تُعتبر المدن الذكية هي الخيار الأمثل لتبنّي سياسات ومخططات مُدن تضم مجتمعات بشرية ضخمة في بيئة أكثر تطورًا وابتكارًا وصديقة للبيئة، مرتكزة على مزيج تنموي يجمع ما بين رأس المال البشري والاجتماعي والبنية الرقمية والمعلوماتية.
ووفق بيانات البنك الدولي عام 2021، فإن سكان الدول العربية شكلّوا تواجدًا في المدن في عام 2019، يُقدر بـ 59 % أي بمعدل أعلى من المتوسط العالمي، وهي مؤشرات مقلقة قد تُلقي بظلالها على مشاريع تخطيط المدن وبُنيتها التحتية ومستوى الخدمات العامة فيها مالم تتحرك الحكومات نحو تطوير المدن.
وبحسب التقرير فإن هناك مؤشرات دولية من شأنها المساعدة في تحول المدن القائمة حاليًا إلى مدن ذكية، حُدّدت في خمسة مرتكزات رئيسة هي: البنية التحتية، والشمولية في الخدمات، وجودة الحياة، والاستدامة البيئية، واستخدام تقنية المعلومات والاتصالات.
وحققت المملكة في المرتكز الأخير مراكز متقدمة حسبما أعلن اتحاد (ITU) عام 2023، إذ حصلت على المركز الثاني على دول مجموعة العشرين والمركز الرابع عالميًا في جاهزية التنظيمات الرقمية، وهو ما يؤكد قدرتها على سرعة تنفيذ مشروعات المستقبل ومنها البنية الرقمية لمشروعات المدن الذكية.
وبرزت في المنطقة العربية 24 مدينة ذكية من أصل 115 مدينة رئيسة، ترَكّز 46 % منها في: المملكة، والإمارات، وقطر.
جهود المملكة
وتُعتبر”نيوم” إحدى نجاحات رؤية ولي العهد، وأحدث النماذج العصرية للمدن الإدراكية في العالم، التي تمثل الجيل القادم من المدن الذكية في مجتمعات معززة تقنيًا ومستدامة رقمياً، وفق التقرير.
كما أطلقت المملكة عددًا من مشاريع المدن الذكية الطموحة التي كان محورها الإنسان والبيئة، ساعية إلى دمج أحدث الابتكارات التقنية في تصاميمها وبنيتها التحتية لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
وبرز “ذا لاين” كمشروع سعودي عالمي في تصميم الحياة الحضرية، واعتُبر بمثابة هدية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز للبشرية في كيفية تخطيط المدن إلى الـ150 سنة القادمة، وفي تطويع المملكة لحلول الذكاء الاصطناعي والبيانات لبناء المجتمعات المستدامة.
وما يُشير إلى قوة أخرى للمملكة، هو عمل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة على إجراء أول تجربة ناجحة على مستوى العالم لتوفير تغطية شبكات الجيل الخامس عبر المنصات عالية الارتفاع (5G HAPS).
كما تم تدشين الجيل الأحدث من تقنيات WiFi-6e، لتصبح المملكة الأولى عالميًا في إجمالي الطيف الترددي المتاح لتقنية WiFi، بالإضافة إلى إجراء أول تجربة اتصال عبر الأقمار الصناعية “LEO Satellite” على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
واستكمالاً للجهود الوطنية في مجال التحول نحو بناء المدن الذكية، أطلقت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان مبادرة تطبيق مفاهيم المدن الذكية لتحويل خدمات القطاع البلدي والسكني لخدمات ذكية من خلال التقنيات الرقمية وإنترنت الأشياء.
وتهدف هذه الخطوة إلى إطلاق أكثر من 50 مبادرة في 9 قطاعات بحلول عام 2030م منها: المواقف الذكية، والأنظمة الذكية للمحافظة على البيئة والتخلص من النفايات.
وتوقع خبراء التنمية البشرية أن يقطن أكثر من ثلثي سكان العالم المدن الذكية بحلول عام 2070، مؤكدين أن نجاح هذه المدن يبقى مرهونًا ببناء مجتمع المعرفة ليسهل الاندماج فيها حيث تشكل المعرفة أحد أهم الموارد الحيوية للمدن الذكية التي ستتطور فيها خدمات الإنترنت وتقنيات الاتصالات.
فيديو.. مواطن يروي قصة إنقاذه ثلاثة أشخاص من الغرق بعدما تحطم قاربهم في البحر