يرتفع منسوب القلق داخل واشنطن من سياسة “مكافآت ومعاقبة” يُنفذها رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، عبر أوامر تنفيذية، وتحقيقات فيدرالية، وقرارات تنظيمية تستهدف خصومه أو تكافئ حلفاءه، الشقاق الحالي بين إيلون ماسك وترامب بعد انتهاء فترة شهر العسل يكشف الكثير عن شكل الإدارة الأمريكية الحالية، ويحاول أن يضع نبؤات لمستقبل هذه الإدارة وأثرها على الولايات المتحدة وبالتبعية على العالم بأكمله.
تزعم الإدارة الأمريكية أن قراراتها تشمل مؤسسات مرموقة مثل هارفارد وكولومبيا، وشركات المحاماة الكبرى، وحتى أفراد من رفقاء ترامب السابقين أو من بيئة إدارة بايدن. في المقابل، أعلن عن منح عفو رئاسي أو تخفيف أحكام تطاول مجموعة من الداعمين، أو وقف تحقيقات مرتبطة بهم.
أبرز مثال على ذلك، الانهيار المفاجئ في العلاقة مع إيلون ماسك. فحين كان ماسك داعمًا بارزًا لترامب، تجاهل البيت الأبيض مزاعم تضارب المصالح. أما عند الخلاف، لوّح ترامب فورًا بقطع العقود الحكومية عن شركات ماسك، مهدّدًا بعواقب اقتصادية إذا موّل الأخير دعايات ديمقراطية. كما ظهر التهديد علنًا حين قال ترامب على “NBC” إن ماسك “سيُعاقب بشدة” إذا تبرع للديمقراطيين.
تاريخيًا، ارتبط اسم الرئيس نيكسون بـ”أعدائه” في التعاملات الفيدرالية، ونوّه الكثير إلى تشابههما في أسلوب الإدارة ونظرتهم للبيت الأبيض وللولايات المتحدة، لكن محققين يقولون إن أسلوب نيكسون كان “أفعال منفردة”، ولا يقارن بأسلوب ترامب “الحيز اليومي” للتحكم. يقول جون دين، مستشار نيكسون الأسبق، إن تصرفات ترامب تماثل ما يجري في روسيا: “ليس مجرد حديث داخلي بل أداة حياة”.
تستخدم الإدارة الأمريكية صلاحيات واسعة للضغط:
يقول إيان باسين من منظمة “Protect Democracy” إن هذا المنهج يشبه توازنات “عصابات المافيا”: الحماية لمن يتوسل، والعقاب لمن يثور. والتهديد العلني لمسك، وفق رأيه، نموذج صارخ لهذه الجولة الجديدة.
الفارق الأصغر بين نيكسون وترامب الآن هو في مستوى المقاومة. فترامب يسيطر على المؤسسات والقضاء، بينما يفتقر نيكسون إلى ذلك التحكم الكامل. ويقول مراقبون إن الكونغرس اليوم “مطواع” والقضاء مكبوت مقارنة بماضيه.
يبقى القضاء الفيصل في حال صدرت قرارات متطرفة. وأشار مراقبون لمئات الأحكام الفيدرالية التي أُصدرت ضد أساليب ترامب، لكن رفيق سياساته في قصر الولاية العليا بالقضاء يهدّد كل هذه النتائج.
ما يجري في البيت الأبيض ليس مجرد سياسة انتقامية، بل تحول جديد في مفهوم مبادئ السلطة التنفيذية، حيث يتحول أداء الإدارة إلى ذراع شخصي للرئيس، يشكّل معادلة جديدة في السلطة الفيدرالية الأمريكية—بين الولاء والمكتسبات، وبين المعارضة والملاحقة.