غريغوري راسبوتين، شخصية تاريخية شديدة الغموض والجدل، فكلما ذُكرت روسيا القيصرية يطفو راسبوتين إلى سطح الأحداث، بل إن هذا الراهب حاد النظرات يسطو على التاريخ أجمع بسيرته الرهيبة، الجديرة بأفلام الرعب.
راسبوتين، الذي ارتبط بالرهبانية والطهر، إلا أن البعض يتعبرونه شيطانًا متجسدًا في إنسان، نعرض حياته الغريبة في هذا التقرير.
لا يجمع المؤرخون على تاريخ ميلاد غريغوري راسبوتين، لكن البعض يشيرون إلى الثاني والعشرين من يناير 1860، حين خرج راسبوتين طفلاً محبًا للحياة وشغوفًا بالخيول والسهول في مقاطعة تيومين السيبيرية.
أمضى الرجل حياته راهبًا جوالاً، لكنه اتجه بعدها إلى حياة الرذيلة، بفلسفة مختصرة تقول “الأرض السوداء تنتج أشهى الثمار” هكذا لم يترك رذيلة إلا وارتكبها، وكأنه يحقق معنى اسمه، إذ أن كلمة “راسبوتين” تعني بالروسية “الفاجر”.
بلحيته الكثيفة وملابسه السوداء، حاز راسبوتين على انتباه الجميع، أما عيناه الثاقبتان فهما المعنى الحقيقي لكلمة كاريزما، فتحلق حوله المريدين والمعجبين، الراغبين في الشفاء من الأمراض، كل هذا أوصله إلى الأسرة الحاكمة في روسيا.
كان وريث القيصر يعاني من الهيموفيليا أو الناعور، وهو مرض نزفي متكرر، كفيل بإسالة الدم بلا توقف مع أقل جرح، الشيء الذي أعجز والدته القيصرة ولم تجد له علاجًا، حتى نصحها البعض بتجربة قدرات راسبوتين.
فيما يشبه المعجزة، بدأ الطفل المريض يتحسن بالفعل على يد راسبوتين، فيبدو أن الرجل استخدم التنويم المغناطيسي لإبطاء نبض الوريث، وهكذا لا يقوى النزف المميت.
– إذا قتلني أقاربك فلن يبقى أي فرد من عائلتك حياً لأكثر من عامين، وتستطيع أن تقول أي من أولادك أو أقاربك، فسوف يلتهمهم الشعب الروسي
هذا ما كتبه راسبوتين إلى قيصر روسيا عام 1916، بعد صعود نفوذ الراهب الغامض داخل العائلة، حتى قيل إنه الحاكم الفعلي للبلاد، لهذا اعتبره بعض أفراد الأسرة نذير شؤم وقرروا التخلص منه.
بالفعل تحققت نبوءة راسبوتين، فقد تعرض لمحاولة تسميم بواسطة الأمير فيليكس يوسوبوف وابن عم القيصر الدوق الأكبر ديمتري، الذي قدّم لراسبوتين كعكة سامة، غير أنه نجا منها بفضل اعتياده على تناول السم يوميًا، ليصبح منيعًا ضده.
اضطر الأمير ورفاقه إلى إطلاق الرصاص على راسبوتين ورمي جثته في نهر مويكا، لكن القصة لم تنته بموته، إذ أن بقية النبوءة تحققت، وقامت الثورة البلشفية على الحُكم الروسي في غضون 9 أشهر، حتى لاقت أسرة القيصر حتفها على أيدي البلاشفة.
