ترتبط في الأذهان هدايا الحجاج بالسّبح اليدوية والبخور أو حتى الأقمشة والعطور العربية، لكن في زمن مضى كانت الهدايا تحمل طابعًا خاصًا ومختلفًا يعكس بساطة الحياة.
مع عودة الحجاج من مكة المكرمة، سواء من داخل المملكة أو خارجها، كانت الهدايا تختلف باختلاف العادات والأجناس، إلا أن المشهد الأجمل كان يُرسم في القرى السعودية عند استقبال حجاج الداخل.
في يوم عودة الحجاج، يتسابق الأطفال إلى مدخل القرية حيث تُعلّق أعينهم بالطريق التي ستدخل منه “سيارات اللوري” القديمة التي تقل أهالي القرية الحجاج، كل ذلك من أجل الحصول على “الحلوى”.
في هذا الزمن، ارتبطت هذه الحلوى المميزة بموسم الحج ارتباطًا شديدًا، ورغم بساطتها كانت تشكل رمزًا للفرح وذكرى لا تُنسى، وكانت هذه الهدايا البسيطة -من الحلوى وأجهزة صغيرة تعرض مشاهد من مكة- محط بهجة للصغار، وعلامة حب وتقدير من الحاج لأهله وجيرانه.
وعند انتهاء الاستقبال الحافل، تبدأ الزيارات والتجمّعات من الأهل والأقارب والجيران في منزل الحاج وتهنئته بالعودة بعد أن منَّ الله عليه بأداء الحج.
وقبل مغادرتهم كان كل واحدٍ منهم يخرج حاملاً كيسًا من تلك الحلويات، التي لم تكن مجرد طعام، بل هدية ذات قيمة رمزية واجتماعية، تُعبّر عن الامتنان والمحبة، وتُرسّخ تقاليد كرم الضيافة.
اليوم، ورغم تغيّر ملامح الهدايا وأساليب السفر، لا تزال تلك الذكريات حاضرة في أذهان من عاشوها، تروي قصصًا عن زمنٍ كانت فيه هدايا الحج ليست بقيمتها المادية بل المعنوية والرمزية.