تعد العائلات التي اشتهرت بالموهبة ظاهرة شائعة في جميع الحضارات، حيث يتميز أفرادها بقدرات استثنائية في ميادين مختلفة، فهل لوجود بيئة محفزة دور في توريث العبقرية؟ أم أن الأمر يتجه إلى المصادفة فقط؟
يُذكر أمثلة عديدة على هذه الظاهرة، مثل عائلة باخ في ألمانيا، وبرنولي في سويسرا، وداروين وهكسلي في بريطانيا، وطاغور في الهند، وتولستوي في روسيا. وعلى الرغم من وجود شخصيات بارزة في هذه العائلات، إلا أن هناك دائمًا فردًا واحدًا يتم التعرف عليه بشكل عام بفضل عبقريته، مثل يوهان سباستيان باخ، ودانييل برنولي، وتشارلز داروين، ورابندرانات طاغور، وليو تولستوي.
في سياق هذا الحديث، ركز الفنان جورجيو فاساري في عمله الأدبي “سير” على فكرة أن العبقرية لا تنحصر في العائلات، مستشهدًا بأمثلة من عصر النهضة مثل ليوناردو دا فينشي ومايكل أنجلو وتيتسيانو فيتشيليو، الذين نشأوا في بيئات عائلية بسيطة.
تظهر الأمثلة التاريخية أن العبقرية لا تقتصر على خلفيات عائلية معينة، إذ كانت هناك عائلات تتميز بالإبداع والعبقرية في مختلف الأحيان والأماكن. على سبيل المثال، تشير العائلة الداروينية إلى وجود عباقرة في أجيال مختلفة، حيث كان تشارلز داروين حفيدًا لعلماء وكتَّاب بارزين.
من جهة أخرى، قد يؤدي فقدان أحد الوالدين في سن مبكرإلى إحداث تأثير على الأفراد ويشير إلى دراسة قام بها العالِم النفسي جيه مارفن أيزنشتات، حيث أظهرت نتائجها أن نسبة كبيرة من الشخصيات التاريخية البارزة فقدت أحد والديها في سن مبكرة.
على الرغم من هذه الاتجاهات، يظل السؤال حول العلاقة بين الوراثة والإبداع مثيرًا للجدل، حيث تتداخل عوامل متعددة مثل البيئة ورعاية الأبوين والعوامل الشخصية. يستند الكتاب إلى أمثلة تاريخية لأفراد أظهروا إبداعًا بالرغم من تجاربهم الصعبة، مما يسلط الضوء على تعقيد العلاقة بين الظروف الحياتية والإبداع الاستثنائي.
في الختام، يتجلى لنا من خلال السطور السابقة أن العبقرية قد تنشأ في أي زمان ومكان، ولا تقتصر على خلفيات عائلية محددة. ما يعكس بالضرورة تنوع العوامل التي تسهم في ظهور الإبداع والعبقرية، مما يجعلها ظاهرة تتأثر بعدة جوانب في حياة الأفراد.
اقرأ أيضًا
“العرفج” يروى قصة تدل على “عبقرية بنات الصحراء”
سودوكو العبقرية.. تاريخ لعبة الأرقام التي يعشقها الملايين
بعد رحيل البشر عنها.. 5 أماكن مهجورة استعادتها الطبيعة
