لماذا أصبح إعصار ميليسا رمزًا للعواصف الخارقة؟

أكتوبر ٢٩, ٢٠٢٥

شارك المقال

لماذا أصبح إعصار ميليسا رمزًا للعواصف الخارقة؟

تحوّل إعصار "ميليسا" إلى عاصفة غير مسبوقة القوة، بعد أن مرّ فوق مياه البحر الكاريبي التي شهدت ارتفاعًا قياسيًا في درجات حرارتها خلال الصيف. وبمجرد أن وصل الإعصار إلى اليابسة في جامايكا يوم الثلاثاء، كان قد اكتسب طاقة هائلة جعلته من الفئة الخامسة، مع رياح بلغت سرعتها نحو 185 ميلًا في الساعة، ليصبح أحد أقوى الأعاصير التي تضرب اليابسة في تاريخ المحيط الأطلسي.

ويقول خبراء المناخ إن إعصار ميليسا يمثل نموذجًا واضحًا لتأثير تغير المناخ على العواصف المدارية، إذ يؤدي ارتفاع حرارة البحار إلى تغذية الأعاصير بالرطوبة والطاقة الحرارية، ما يجعلها أكثر عنفًا وأسرع في التصعيد.

كانت جامايكا استيقظت على دمار واسع النطاق طال البنية التحتية الحيوية من كهرباء ومستشفيات ومدارس، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تحاول الوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا لتقدير حجم الخسائر الفعلية.

تحول كبير في إعصار ميليسا

قبل أن يضرب اليابسة بثلاثة أيام، مرّ إعصار ميليسا بمرحلتين من التكثيف السريع أثناء عبوره مياهًا أكثر دفئًا بنحو 2.5 درجة فهرنهايت عن المعدلات المعتادة. ووفقًا لمجموعة أبحاث Climate Central، فإن النشاط البشري وراء تغير المناخ جعل من هذه الظاهرة أكثر احتمالًا ووضوحًا. وفي أقل من 24 ساعة، تحولت العاصفة من منخفض استوائي برياح تبلغ 70 ميلاً في الساعة صباح السبت إلى إعصار من الفئة الرابعة بسرعة 140 ميلًا في الساعة. وخلال اليوم التالي، تضاعفت شدتها مجددًا حتى بلغت 175 ميلًا في الساعة مساء الاثنين، قبل أن تصل إلى ذروتها فجر الثلاثاء عند اقترابها من السواحل الجامايكية.

وأوضح العالم ستيف بوين، كبير العلماء في شركة غالاغر ري، أن "معدلات التكثيف الانفجاري" للأعاصير ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العقود الأربعة الماضية، حيث تزداد سرعة الرياح بأكثر من 60 ميلًا في الساعة خلال يوم واحد في كثير من أحواض المحيطات. وأضاف: "ما نراه اليوم هو ما حذّر منه العلماء منذ سنوات – فالمحيطات الأكثر دفئًا تفرز أعاصير ذات كثافة غير مسبوقة".

ويرى البروفيسور كيري إيمانويل من معهد ماساتشوستس للتقنية أن إعصار ميليسا يقدّم دليلًا إضافيًا على تأثير الأنشطة البشرية في تضخيم الأعاصير. وقال في تصريح لشبكة CNN: "هذا هو الإعصار الثالث من الفئة الخامسة في المحيط الأطلسي هذا العام، وقد شهد الثلاثة جميعًا فترات من التكثيف السريع". وأشار إلى أن نسبة الأعاصير التي تبلغ درجات شدة قصوى آخذة في الازدياد عالميًا.

وأوضح إيمانويل أن عدد الأعاصير الكلي في موسم الأطلسي لم يخرج عن المعدل المعتاد، غير أن شدتها وتطورها السريع يزدادان مع ارتفاع حرارة المحيطات. فكلما ارتفعت درجة حرارة المياه، ازدادت قدرة الهواء على حمل الرطوبة، ما يؤدي إلى أمطار أكثر غزارة وطاقة أكبر للعواصف. ويضيف إيمانويل أن ميليسا بلغت ما يُعرف بـ"الحد الأقصى النظري للشدة" – وهو مقياس يحدد مدى قوة الإعصار إذا استغل الطاقة البيئية المحيطة به بالكامل. ويُعد بلوغ هذا الحد أمرًا نادرًا، إلا أن ميليسا حققته بفضل حرارة مياه الكاريبي الاستثنائية هذا العام.

بصمات تغير المناخ

أما دانيال سوين، الباحث في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، فأكد أن العاصفة تصرفت على نحو غير متوقع تمامًا، مشيرًا إلى أن خصائصها – بما في ذلك التكثيف السريع – تحمل بصمات واضحة لتغير المناخ. ويقول العالم جيم كوسين، من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) سابقًا، إن العلاقة بين إعصار ميليسا والاحتباس الحراري العالمي باتت واضحة. وأضاف: "المياه الدافئة التي زادت من شدة الإعصار تحمل بلا شك بصمة بشرية، فقد لعبت دورًا محوريًا في تصعيد قوته خلال فترة وجيزة".

ويرى الخبراء أن الأعاصير في المستقبل قد لا تكون أكثر عددًا، لكنها ستكون أشد فتكًا عند تشكّلها، إذ تتيح درجات الحرارة المرتفعة للمحيطات والعوامل المناخية المصاحبة توليد طاقة هائلة تُترجم إلى رياح مدمرة وأمطار غير مسبوقة. ويختتم سوين حديثه قائلًا: "لن تتمكن كل الأعاصير من استغلال الحرارة المتزايدة للمحيطات، لكن بعضها سيفعل، وميليسا كانت من بينها. وعندما يحدث ذلك بالقرب من مناطق مأهولة، فإن الكارثة الناتجة تكون أعنف بكثير مما عرفناه من قبل".

اقرأ أيضًا:
إعصار ميليسا.. دمار في جامايكا ورعب في كوبا
إنفوجرافيك| خسائر الكوارث الطبيعية الأعلى تاريخيًا
إعصار بريسيلا يهدد المكسيك بفيضانات وأمواج كارثية

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech