يُعدّ التلوث الناتج عن انبعاثات الغازات الدفيئة أحد أبرز التحديات البيئية التي يواجهها العالم اليوم، حيث تشهد الأرض ارتفاعًا غير مسبوق في مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهي الغازات المسؤولة عن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. هذه الانبعاثات لا تقتصر آثارها على تغيّر المناخ فحسب، بل تمتد لتشمل تدهور جودة الهواء، وارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الجليد، وزيادة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات.
ومع تزايد عدد السكان وتوسع النشاط الصناعي والاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري، باتت مسؤولية خفض الانبعاثات موزعة بين الدول، لكن بدرجات متفاوتة. فالدول الكبرى ذات الاقتصادات الضخمة تتحمل النصيب الأكبر من الانبعاثات، بينما تعاني الدول الفقيرة من عواقبها رغم مساهمتها المحدودة.
غالبًا ما تُقدَّم بيانات انبعاثات غازات الدفيئة بصيغتها المطلقة، غير أن هذا النهج قد يُخفي تباينات جوهرية بين الدول. فعند النظر إلى الإجمالي، تتصدر الدول الأكثر اكتظاظًا بالسكان المشهد العالمي؛ إذ تهيمن الصين والولايات المتحدة والهند على القسم الأكبر من الانبعاثات، وهو ما يعكس مزيجًا من الكثافة السكانية والاقتصادات المعتمدة بشكل كبير على الوقود الأحفوري.
لكن الصورة تختلف عند احتساب الانبعاثات على أساس نصيب الفرد، ففي هذا المقياس، تظهر دول الخليج الصغيرة والغنية بالموارد، إلى جانب اقتصادات أخرى شديدة الاعتماد على الطاقة الأحفورية، في المراتب الأولى. ورغم أن مساهمتها في الإجمالي العالمي محدودة نسبيًا، فإن البصمة الكربونية للفرد فيها تُعد من بين الأعلى عالميًا.
هذا التباين يوضح التحدي المزدوج أمام سياسات المناخ؛ من حيث الموازنة بين مفهوم العدالة المستندة إلى نصيب الفرد، وبين المسؤولية المترتبة على حجم الانبعاثات الكلي. ومن ثم فإن الجمع بين هذين المنظورين يُعتبر ضروريًا عند صياغة الاتفاقيات الدولية وتحديد أولويات خفض الانبعاثات على المستوى العالمي.
ووفقًا لموقع Voronoi ، تتصدر الصين قائمة الدول الأكثر إصدارًا لانبعاثات غازات الدفيئة لعام 2023 بإجمالي بلغ نحو 15,943.99 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، لتأتي بفارق كبير عن بقية الدول. تليها الولايات المتحدة في المركز الثاني بـ 5,960.80 مليون طن.
واحتلت الهند المركز الثالث في قائمة الدول الأكثر إصدارًا لانبعاثات الغازات بـ 4,133.55 مليون طن، وهو ما يعكس حجم سكانها الكبير واعتمادها الواسع على الوقود الأحفوري. أما روسيا فجاءت في المرتبة الرابعة بـ 2,672.04 مليون طن، تليها البرازيل التي سجلت 1,300.17 مليون طن، ثم إندونيسيا في المركز السادس بـ 1,200.20 مليون طن.
تشكل هذه الدول الجزء الأكبر من الانبعاثات العالمية، ما يجعلها محورًا أساسيًا في أي جهود دولية لمكافحة التغير المناخي.
اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| دراسة: 10% من أغنياء العالم مسؤولون عن الاحتباس الحراري
