ضربت هزة أرضية عنيفة وصفت بأنها الأقوى منذ عقود شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا، مطلقة العنان لأمواج تسونامي عاتية وتحذيرات واسعة النطاق شملت معظم الدول المطلة على المحيط الهادئ. ولم يكتف زلزال روسيا، الذي بلغت قوته 8.8 درجة على مقياس ريختر، بإحداث أضرار محلية، بل أرسل موجات صدمة عبر آلاف الكيلومترات من المياه، واضعًا ملايين الأشخاص في حالة تأهب قصوى من اليابان إلى سواحل أمريكا الشمالية والجنوبية.
وقع زلزال روسيا على عمق ضحل بلغ 19.3 كيلومترًا، مما زاد من قوته التدميرية على السطح. وقد شعر سكان مدينة بتروبافلوفسك كامتشاتسكي، التي يقطنها 165 ألف نسمة، بالهزة العنيفة التي استمرت لعدة دقائق، حيث وصف أحد السكان شعوره بأن “الجدران على وشك الانهيار”. وأكد حاكم كامتشاتكا، فلاديمير سولودوف، أن هذا هو “الزلزال الأقوى منذ عقود”، وهو ما أيده العلماء الروس الذين أكدوا أنه الأقوى منذ عام 1952.
وقد أسفر زلزال روسيا عن أضرار في المباني، بما في ذلك روضة أطفال، وانقطاع للتيار الكهربائي في منطقة سخالين. كما أدت أمواج تسونامي بارتفاع أربعة أمتار إلى فيضانات جزئية في ميناء بلدة سيفيرو كوريلسك ومصنع لتجهيز الأسماك، وجرفت السفن من مراسيها. وعلى الرغم من القوة الهائلة للهزة، لم يتم الإبلاغ عن وفيات، لكن وزير الصحة الإقليمي أكد أن العديد من الأشخاص طلبوا المساعدة الطبية لإصابات تعرضوا لها أثناء محاولتهم الهرب، بما في ذلك شخص قفز من نافذة.
امتد أثر زلزال روسيا سريعًا إلى خارج حدودها، حيث انطلقت صافرات الإنذار من تسونامي على طول الساحل الياباني، وصدرت أوامر بإخلاء 1.9 مليون شخص. وفي مشهد يعيد إلى الأذهان كارثة عام 2011، تم إخلاء محطة فوكوشيما النووية، وأوقفت شركات كبرى مثل نيسان وتويوتا عملياتها في بعض المصانع لضمان سلامة الموظفين.
وفي هاواي، أعلنت السلطات حالة الطوارئ، وأمرت سكان المناطق الساحلية بالانتقال فورًا إلى مناطق مرتفعة أو الصعود إلى الطابق الرابع أو أعلى في المباني الشاهقة. وحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المواطنين من الخطر المحتمل، بينما أصدر خفر السواحل أوامره للسفن بمغادرة الموانئ لتجنب الأمواج القادمة. وقد امتدت التحذيرات بدرجات متفاوتة لتشمل الساحل الغربي للولايات المتحدة وكندا، وصولًا إلى بيرو وتشيلي ونيوزيلندا، مما حول زلزال روسيا إلى حدث عالمي.
بدأت الأمواج الأولى تصل إلى الشواطئ بعد ساعات من الهزة. وفي اليابان، تم تسجيل موجات وصل ارتفاعها إلى 1.3 متر في محافظة إيواتي، بينما أظهرت لقطات حية أشخاصًا يحتمون على أسطح المباني في هوكايدو. وفي هاواي، تم تسجيل موجة بارتفاع 1.2 متر قبالة جزيرة أواهو، وأظهرت المشاهد الجوية شاطئ وايكيكي الشهير خاليًا تمامًا من رواده، في دلالة على الامتثال الصارم لأوامر الإخلاء.
وعلى الرغم من المخاوف، لم ترد تقارير أولية عن أضرار جسيمة أو إصابات في اليابان أو هاواي، لكن السلطات حذرت من أن موجات التسونامي قد تستمر لأكثر من يوم، داعية الجميع إلى البقاء في حالة حذر.
ووقع مركز زلزال روسيا في منطقة “حلقة النار” في المحيط الهادئ، وهي منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي والبركاني العنيف. وقد أشار علماء روس إلى أنه على الرغم من القوة الهائلة للهزة، إلا أن شدة الاهتزاز على الأرض كانت أقل مما هو متوقع، لكنهم حذروا من أن المنطقة ستشهد سلسلة من الهزات الارتدادية القوية، التي وصلت إحداها بالفعل إلى 6.9 درجة.
