تُعرف الخفافيش بسلوكها الفريد في النوم رأسًا على عقب، حيث تتدلى من أسقف الكهوف أو فروع الأشجار أو حتى الجسور. هذا السلوك قد يبدو غريبًا مقارنة بباقي الثدييات، لكنه يحمل فوائد عديدة تتعلق بقدرتها على الطيران وحمايتها من المفترسات. فما السبب وراء هذا السلوك الفريد؟
يرجح العلماء أن تطور الخفافيش بدأ مع ثدييات صغيرة كانت قادرة على الانزلاق بين الأشجار، مثل السناجب الطائرة. ومع مرور الوقت، طورت هذه الكائنات أجنحة قوية، لكنها لم تحصل على ميزة العظام المجوفة التي تمتلكها الطيور، مما قلل من قدرتها على الارتفاع مباشرة من الأرض. لذلك، أصبح التعلق رأسًا على عقب طريقة فعالة للإقلاع السريع، حيث تسقط الخفافيش في الهواء ثم تبدأ بالطيران بسهولة.
تمتلك الخفافيش نظامًا عضليًا فريدًا يساعدها على التشبث بالأسطح دون بذل أي جهد. عندما تُمسك بمكان ما، تنقبض عضلاتها لفتح المخالب، ثم تقوم بإرخاء جسمها، مما يسمح للأوتار بشد المخالب تلقائيًا بسبب وزن الجسم. هذا النظام الفريد يجعل الخفافيش قادرة على التعلق رأسًا على عقب لفترات طويلة دون استهلاك الطاقة.
على الرغم من قدرة الخفافيش على الطيران، إلا أن أجسامها مختلفة تمامًا عن الطيور. فالطيور تمتلك عظامًا مجوفة خفيفة تسهل عليها التحليق، بينما تمتلك الخفافيش عظامًا أكثر كثافة وأجنحة مغطاة بغشاء جلدي مرن يمنحها قدرة عالية على المناورة في الهواء، لكنها تحتاج إلى أسلوب فريد للإقلاع، وهو السقوط الحر من وضع التعلق.
النوم رأسًا على عقب ليس مجرد عادة غريبة للخفافيش، بل هو تكيف بيولوجي متطور يمنحها ميزة تنافسية في البقاء على قيد الحياة. يساعدها هذا السلوك على الطيران بكفاءة وتجنب المفترسات، ما يجعلها من أكثر الكائنات تكيفًا مع بيئتها. لذا، في المرة القادمة التي ترى فيها خفاشًا معلقًا رأسًا على عقب، ستدرك أنه ليس مجرد تصرف غريب، بل ضرورة بقاء!