أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رفضه القاطع لأي تنازل عن أراضي بلاده، مؤكدًا أنه لا يحق لأوكرانيا، وفقًا لقانونها ودستورها والقانون الدولي، التخلي عن أي جزء من أراضيها، وقال زيلينسكي في مقابلة عبر واتساب مع الصحفيين: "لا شك أن روسيا تُصر على تنازلنا عن الأراضي. نحن بكل وضوح لا نريد التخلي عن أي شيء. هذا ما نناضل من أجله"، وأضاف أن بلاده لا تمتلك الحق الأخلاقي في التخلي عن أراضٍ تحتلها روسيا بطريقة غير قانونية.
ويأتي هذا التصريح في ظل ضغوط متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يدفع نحو قبول اقتراح أمريكي يقضي بتقديم تنازلات مؤلمة لموسكو، بحجة أن روسيا تحتفظ "باليد العليا" في النزاع المستمر منذ ما يقرب من أربع سنوات.
المباحثات الأوروبية والدور الدبلوماسي للبابا
في سياق تعزيز موقف أوكرانيا، التقى زيلينسكي البابا فرانسيس في كاستل غاندولفو، حيث أكد البابا على ضرورة استمرار الحوار لتحقيق سلام عادل ودائم، داعيًا موسكو إلى اتخاذ مبادرات إيجابية لتعزيز فرص السلام، كما التقى زيلينسكي برئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، في خطوة تهدف إلى حشد الدعم الأوروبي لأوكرانيا.
وفي لندن، أجرى الرئيس الأوكراني محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز لتعزيز موقف أوكرانيا وسط نفاد صبر ترامب المتزايد على رفض كييف التنازل عن الأراضي.
مواجهة الضغوط الأمريكية وخلافات خطة ترامب
اختتم المفاوضون الأمريكيون والأوكرانيون ثلاثة أيام من المحادثات السبت، بهدف تضييق الخلافات حول اقتراح إدارة ترامب للسلام.
وتتركز نقاط الخلاف الرئيسية على اقتراح تنازل كييف عن السيطرة على منطقة دونباس شرق أوكرانيا لصالح روسيا، التي تحتل معظم أراضيها حاليًا، وقد قاومت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بشدة فكرة تسليم الأراضي، معتبرين أن ذلك قد يضعف موقف بلادهم ويهدد سيادتها الوطنية.
ترامب أصر في مقابلة مع بوليتيكو على ضرورة قبول أوكرانيا للاقتراح الأمريكي، وقال: "كما تعلمون، يموت الكثير من الناس"، ملمحًا إلى أن مساعدي زيلينسكي يتفقون مع الإدارة الأمريكية.
وأضاف أن روسيا لا تزال تتمتع بقوة كبيرة تجعل استمرار القتال أمرًا صعبًا على أوكرانيا على المدى الطويل.
كما كرر ترامب دعوته لإجراء انتخابات رئاسية في أوكرانيا، رغم أن الأحكام العرفية الحالية تمنع تنظيم أي انتخابات، وقد تم تمديد فترة ولاية زيلينسكي الحالية، الذي انتخب عام 2019، لخمس سنوات بسبب الحرب.
وأشار زيلينسكي إلى أن النسخة الحالية من خطة السلام الأمريكية تضم 20 نقطة بعد أن كانت 28 نقطة، موضحًا أن بعض البنود "الواضحة المعادية لأوكرانيا" قد أزيلت، وأضاف: "ترامب يريد إنهاء الحرب بكل تأكيد... لديه رؤيته الخاصة. نحن نعيش هنا، ونرى التفاصيل والفروق الدقيقة، وندرك كل شيء بعمق أكبر، لأن هذا وطننا الأم".
الدعم الأوروبي لأوكرانيا وضمانات وقف إطلاق النار
دعم القادة الأوروبيون موقف أوكرانيا بقوة، حيث وصف ستارمر الدفع من أجل السلام بأنه وصل إلى "مرحلة حرجة"، مشددًا على الحاجة إلى وقف إطلاق نار عادل ودائم.
وفي الوقت نفسه، أعرب ميرز عن تحفظه بشأن بعض تفاصيل الوثائق الأمريكية، قائلاً: "علينا أن نتحدث في هذا الأمر. الأيام القادمة قد تكون حاسمة لنا جميعًا".
وأكد الأوروبيون على ضرورة أن تشمل أي اتفاقية لوقف إطلاق النار ضمانات أمنية قوية، سواء من أوروبا أو الولايات المتحدة، لضمان ردع روسيا عن شن هجمات جديدة، ولم يقدم ترامب أي ضمانات صريحة بهذا الشأن، وهو ما يزيد من مخاوف كييف وحلفائها الأوروبيين.
واتهم زيلينسكي وحلفاؤه بوتين مرارًا بإبطاء المحادثات، بينما تحقق قواته مكاسب ميدانية، بالإضافة إلى مواصلة شن هجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار على البنية التحتية الأوكرانية.
تبادل الضربات الجوية بين أوكرانيا وروسيا
أعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن روسيا أطلقت 110 طائرات مسيرة خلال الليل، أسقطت الدفاعات الجوية 84 منها، بينما أصابت 24 طائرة أهدافها. وأسفر القصف الروسي عن انقطاعات طارئة في التيار الكهربائي في عدة مناطق، وفقًا لمشغل الطاقة الوطني أوكرينيرجو.
في المقابل، واصلت أوكرانيا شن هجمات بطائرات مسيرة على الأراضي الروسية، بما في ذلك هجوم على محطة للغاز المسال في ميناء تيمرايوك بمنطقة كراسنودار، ما أدى إلى اندلاع حريق استمر لأكثر من ثلاثة أيام وأضرار بالمعدات والبنية التحتية.
وأعلنت روسيا أن دفاعاتها الجوية دمرت 121 طائرة مسيرة في مناطق مختلفة، بما فيها شبه جزيرة القرم، وأسفرت الهجمات في تشوفاشيا عن إصابة تسعة أشخاص وإلحاق أضرار بالمباني السكنية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
أوروبا: المرحلة مفصلية لزيادة الدعم لأوكرانيا
روسيا تثني على الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة
أوروبا أمام إنذار أمريكي.. 2027 آخر موعد لتولي عبء الدفاع في الناتو
