أكد عدد من الزعماء الأوروبيين أن المرحلة الحالية تمثل نقطة تحول تتطلب زيادة الدعم المقدم لأوكرانيا ومضاعفة الضغوط على موسكو من أجل إنهاء الحرب الدائرة.
واجتمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في لندن، يوم الاثنين، مع كل من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، لبحث النسخة الأحدث من مقترح السلام الذي صاغه مسؤولون من كييف وواشنطن خلال الأسبوع الماضي.
وخلال اللقاءات، شدد القادة الأوروبيون على ضرورة بذل مزيد من الجهود لتأمين ضمانات أمنية ملزمة لأوكرانيا، في ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة على كييف للقبول بتسوية سريعة مع روسيا.
تعديلات على الخطة
وقال زيلينسكي، الذي واصل رحلته إلى بروكسل للاجتماع مع مسؤولين في حلف شمال الأطلسي، إن بلاده ستعرض النسخة المحدثة من الخطة على الجانب الأمريكي يوم الثلاثاء. وكان فريق التفاوض الأوكراني قد أمضى ثلاثة أيام في فلوريدا مع مبعوثين أمريكيين سعيًا لإدخال تعديلات على المقترح المدعوم من واشنطن والذي وُصف بأنه يميل لمصلحة موسكو.
وفي تصريحات أدلى بها بعد اجتماعات لندن، أوضح زيلينسكي أنه تم حذف "النقاط التي تتعارض بشكل واضح مع المصالح الأوكرانية" من المسودة الأولية التي طُرحت في نوفمبر، لكنه اعترف بأن ملف التنازلات الإقليمية لا يزال محل خلاف ولم يتم التوصل بشأنه إلى توافق. وكانت واشنطن قد اقترحت انسحاب القوات الأوكرانية من المناطق الشرقية التي حاولت روسيا السيطرة عليها دون نجاح كامل، مقابل تراجع موسكو عن مواقع أخرى ووقف القتال. غير أن زيلينسكي رفض هذا الطرح، محذرًا من أن منح روسيا أي مساحة في الشرق سيُستخدم لاحقًا كنقطة انطلاق لاعتداءات جديدة.
وقال الرئيس الأوكراني إن الجانب الأمريكي "يميل بطبيعته إلى البحث عن حلول وسط"، لكنه أكد استمرار الخلافات حول الضمانات الأمنية التي تطالب بها كييف لردع أي هجمات مستقبلية بعد التوصل إلى اتفاق سلام.
ومن جانبها، قالت الحكومة البريطانية إن القادة المجتمعين في لندن اتفقوا على أن المرحلة الحالية "حاسمة" وتتطلب زيادة الضغوط الاقتصادية على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتعزيز الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا. وأشار بيان داونينغ ستريت إلى أن القادة تناولوا أيضًا أهمية المبادرة الأمريكية للحوار والتقدم الذي تحقق فيها، وشددوا على ضرورة التوصل إلى "سلام عادل ودائم" يشمل ترتيبات أمنية واضحة.
وفي تصريحات سابقة للاجتماع، شدد ستارمر على ضرورة تضمين "ضمانات أمنية قوية" في أي اتفاق مع روسيا. أما ميرز، فأبدى "تحفظاته" على بعض الجوانب المقترحة في الخطة الأمريكية، لكنه أكد ضرورة مناقشتها بجدية، قائلاً: «وجودنا هنا هدفه النقاش والوصول إلى صيغة يمكن التفاهم حولها». وعقب اللقاء، قالت فرنسا إن العمل على ضمان أمن أوكرانيا سيشهد "تكثيفاً واضحاً" خلال المرحلة المقبلة.
مخاوف من تراجع الولايات المتحدة
وتسود مخاوف في كييف وفي عدد من العواصم الأوروبية من أن يؤدي بطء المحادثات إلى تراجع الولايات المتحدة عن دعمها، وهو ما أشار إليه زيلينسكي بقوله: "لا يمكننا الاستغناء عن الدعم الأمريكي ولا الأوروبي، ولذلك نحتاج إلى اتخاذ قرارات مصيرية". وبرغم الضغوط التي يمارسها البيت الأبيض على كييف وموسكو للقبول بخطة متعددة البنود لإنهاء النزاع، إلا أن أي مؤشر على حدوث تقدم حقيقي لا يزال غائبًا. فقد انتهت محادثات استمرت خمس ساعات بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو دون نتائج ملموسة.
وأعقب ذلك ثلاثة أيام من المفاوضات بين كبير المفاوضين الأوكرانيين رستم عمروف والمسؤولين الأمريكيين في ميامي، وانتهت بتصريحات متحفظة لكنها إيجابية بشأن "تحقيق بعض التقد". وفي سياق آخر، انتقد دونالد ترامب الرئيس الأوكراني يوم الأحد، قائلًا إن زيلينسكي لم يطّلع بعد على النص المعدل لمقترح السلام، رغم أن بوتين "أبدى موافقته عليه"، على حد قوله.
وبالتزامن تقريبًا، أوضح زيلينسكي أنه ينتظر إحاطة كاملة من عمروف بخصوص المحادثات، مشيرًا إلى أن "هناك قضايا لا يمكن مناقشتها إلا وجهًا لوجه"، سواء في لندن أو بروكسل. وتعد اجتماعات لندن أحدث محاولة من الحلفاء الأوروبيين لفرض موطئ قدم في العملية السياسية التي ترعاها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب، وسط مخاوف من أن تسوية متسرعة قد تضر بالمصالح الاستراتيجية للقارة على المدى الطويل.
وفي المقابل، لا تبدو موسكو مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة، إذ يتمسك الكرملين بمطالبه الأساسية، وعلى رأسها منع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو. وأكد بوتين الأسبوع الماضي أنه مستعد لمواصلة القتال حتى السيطرة الكاملة على دونيتسك ولوغانسك، حيث تسيطر قواته حالياً على نحو 85% من المنطقتين.
وبينما تستمر الجهود الدبلوماسية في العواصم الغربية، يتواصل القتال على الأرض. ففي الفترة ما بين الأحد والاثنين، أسفرت الهجمات الروسية على تسع مناطق أوكرانية عن مقتل عشرة أشخاص وإصابة سبعة وأربعين آخرين، باستخدام طائرات مسيّرة وقنابل انزلاقية وصواريخ. ومنذ بدء الغزو الروسي الواسع في فبراير 2022، سقط آلاف الضحايا من المدنيين والعسكريين، ولا تزال المدن الأوكرانية تتعرض للقصف بشكل يكاد يكون يوميًا.
اقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| مفاوضات واشنطن وكييف.. خطوات نحو السلام
أوروبا أمام إنذار أمريكي.. 2027 آخر موعد لتولي عبء الدفاع في الناتو
ترامب يحذر أوروبا من "المحو الحضاري"














