شهد اليوم الأربعاء اجتماعًا نادرًا بين لبنان وإسرائيل في إطار مسعى أمريكي لتهدئة الأوضاع، حيث عقدت محادثات مدنية مباشرة أملًا في "نزع فتيل التوتر"، وفق ما صرح به رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، ويأتي هذا الاجتماع في وقت تتزايد فيه التوترات على الحدود الجنوبية للبنان، في ظل قصف إسرائيلي شبه يومي وتهديدات بعملية عسكرية واسعة النطاق.
وقال سلام إن لبنان أرسل وفدًا للمساعدة في تهدئة الوضع المتوتر، ودعا المفتشين الأمريكيين والفرنسيين للتحقق مما إذا كان حزب الله يعيد تسليح نفسه في جنوب لبنان، وهو ما تدّعيه إسرائيل، وأكد أن الهدف الأساسي للاجتماع هو العمل على تهدئة الوضع ومنع اندلاع مواجهة جديدة بين الطرفين.
المحادثات المدنية .. خطوة بعد الاجتماعات العسكرية
أفادت مصادر من لبنان وإسرائيل بأن المسؤولين المدنيين المعينين كانوا "يجلسون على طاولة واحدة" لإجراء المباحثات في مقر الأمم المتحدة لحفظ السلام، بحضور الممثلة الأمريكية الخاصة للبنان، مورغان أورتاغوس.
وكانت الاجتماعات السابقة تقتصر على الضباط العسكريين الذين ناقشوا مسائل عملياتية وفنية، لكن الاجتماع المدني يُشير إلى إمكانية التوسع في المفاوضات نحو حل سياسي يهدف إلى تهدئة التوترات بعد الحرب المدمرة التي شهدتها المنطقة العام الماضي، وأوضح سلام: "لولا هذا الحوار، لما اتخذنا هذه الخطوة. كان هدفنا أن يُسهم هذا في تهدئة الوضع".
الخلافات حول نزع سلاح حزب الله
أوضح رئيس الوزراء اللبناني أن لبنان منفتح على عمليات تفتيش أمريكية وفرنسية لتقييم قوة حزب الله، ووصف المزاعم الإسرائيلية حول إعادة تسليحه بأنها "إشاعات"، وأكد أن خطة نزع السلاح ونشر الجيش اللبناني في الجنوب لن تحقق تقدمًا ملموسًا إلا بعد انسحاب إسرائيل من خمس نقاط محتلة في الأراضي اللبنانية، وهو شرط أساسي لبيروت.
كما قلل سلام من إمكانية إقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، موضحًا أن ذلك لن يتحقق إلا إذا قبلت إسرائيل بتسوية سلمية على أساس حل الدولتين في فلسطين، وهو الموقف التقليدي للبنان في هذا الصدد.
التركيز على وقف الأعمال العدائية وليس التطبيع
جاء الاجتماع بعد إعلان كل من لبنان وإسرائيل عن تعيين ممثلين مدنيين لقيادة وفديهما، عقب ضغوط أمريكية على الجانبين، وأكد مصدر سياسي لبناني أن الهدف هو "تطبيق وقف للأعمال العدائية" بين الجانبين، وليس الدخول في عملية تطبيع اقتصادية أو سياسية.
وصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه التعيينات بأنها "محاولة أولية لإنشاء أساس لعلاقة وتعاون اقتصادي"، بينما اعتبرت المتحدثة باسم نتنياهو المحادثات المباشرة "تطورًا تاريخيًا وفرصة فريدة لتحقيق السلام"، إلا أن المسؤول اللبناني قلل من أهمية التعاون الاقتصادي، مشيرًا إلى أن تركيز لبنان ينصب على وقف الأعمال العدائية وضمان الأمن والاستقرار.
التمثيل المدني ودوره في تعزيز الاستقرار
وتعد هذه المرة الأولى منذ جهود السلام الأمريكية التي يتم فيها تكليف مدنيين بالتفاوض على تنفيذ وقف إطلاق النار، بعد أن كان الضباط العسكريون يقودون الاجتماعات سابقًا، وتم تعيين المحامي والسفير السابق لدى الولايات المتحدة، سيمون كرم، لرئاسة الوفد اللبناني نظرًا لخبرته السياسية والدبلوماسية، فيما يمثل الجانب الإسرائيلي أوري ريسنيك، مدير السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي.
وأكدت السفارة الأمريكية في لبنان أن مشاركة المندوبين المدنيين تعكس الرغبة في "إجراء مناقشات سياسية وعسكرية بهدف تحقيق الأمن والاستقرار والسلام الدائم لجميع المجتمعات المتضررة من الصراع".
استمرار التوتر العسكري والضغوط على لبنان
على الرغم من وقف إطلاق النار المعلن في نوفمبر 2024، كثّف الجيش الإسرائيلي غاراته على لبنان، مستهدفًا أفراد حزب الله، وهو ما أعاق جهود إعادة الإعمار وعودة السكان إلى بلداتهم في الجنوب، ولا تزال إسرائيل تحتل خمس نقاط من الأراضي اللبنانية، ما يزيد من تعقيد الوضع، وكان المسؤولون الإسرائيليون قد هددوا بشن عملية عسكرية واسعة إذا لم يُحرز تقدم ملموس في نزع سلاح حزب الله.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
من هم المفاوضون في محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا؟














