في خطوة نادرة وغير مسبوقة، كشفت صحيفة واشنطن بوست أن وزير الحرب الأميركي بيت هيجسيث وجّه دعوة عاجلة إلى مئات من كبار القادة العسكريين لعقد اجتماع مغلق الأسبوع المقبل داخل قاعدة تابعة لقوات المارينز بولاية فرجينيا، من دون أي تفسير رسمي أو مبرر واضح، الأمر الذي أحدث حالة من الحيرة وأطلق موجة واسعة من التساؤلات.
وبحسب المعلومات التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”، فإن حتى أرفع الضباط العسكريين ومساعديهم المباشرين لم يتلقوا أي إيضاحات بشأن هدف الاجتماع أو جدول أعماله. وقد جرى إرسال التعميم ليشمل جميع القيادات العليا المنتشرة في الداخل والخارج.
وأوضحت الصحيفة أن هذه التعليمات جاءت في وقت حساس، إذ سبقتها أشهر من إعلان فريق هيجسيث داخل البنتاغون عن برنامج واسع لخفض عدد المناصب العليا في الجيش الأميركي، بما يتضمن إلغاء مواقع يشغلها قرابة مئة من الجنرالات والأدميرالات. وبرّر الوزير تلك الإجراءات حينها بأنها ضرورية لتقليص ما وصفه بـ”التضخم الهيكلي للقوة” ولتفكيك البيروقراطية المتشابكة داخل المؤسسة العسكرية.
وفي تصريح مقتضب أدلى به المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل لصحيفة ديلي ميل، أكد أن الوزير سيلتقي قادته العسكريين مطلع الأسبوع المقبل، من دون أن يقدّم أي تفاصيل إضافية أو يُظهر قلقًا حيال الاجتماع المرتقب.
يُذكر أن عدد الضباط برتبة جنرال وأميرال المنتشرين عبر الأراضي الأميركية وخارجها يصل إلى نحو 800 قائد، موزعين على مناطق عمليات تمتد عبر قارات ومناطق زمنية مختلفة. وبحسب مصادر مطلعة، فإن التوجيه الجديد شمل جميع القيادات برتبة عميد فما فوق، إضافة إلى المستشارين المقرّبين منهم، حيث يشرف الكثير منهم على تشكيلات قتالية كبيرة.
وأكدت مصادر تحدثت لصحيفة “ديلي ميل” أن قادة من مسارح الصراع المباشر، إلى جانب ضباط من مناطق استراتيجية مثل الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا، سيكونون حاضرين في الاجتماع. وعلّق أحد المسؤولين السابقين في البنتاغون بالقول إنه لا يتذكر سابقة مشابهة لعقد لقاء بهذا الحجم، مضيفًا: “حتى لو رغبتُ، لا أملك أي تفسير لما يجري، فالأمر لا يندرج ضمن الأعراف المعتادة. اعتدنا أن نتوقع المفاجآت مع وزارة الحرب في عهد هيجسيث”.
وتشير واشنطن بوست إلى أن الحكومة تعمل حاليًا على صياغة استراتيجية دفاعية جديدة تعيد ترتيب الأولويات، بحيث يتركز الاهتمام على حماية الأمن الداخلي، مع تراجع التركيز على الصين باعتبارها التهديد الرئيسي، بعد سنوات من اعتبارها محور السياسة الدفاعية. وتقول مصادر أخرى إن هذا التحول قد يكون من أبرز المحاور المطروحة للنقاش في الاجتماع.
ويأتي هذا التوجيه بعد سلسلة خطوات مثيرة للجدل اتخذها هيجسيث منذ تسلّمه منصبه، شملت إقالة مسؤولين كبار، وإعادة تسمية وزارة الدفاع لتصبح “وزارة الحرب”، وتقليص أعداد الجنرالات بما يقارب الربع. وتُعد عمليات الإقصاء الأخيرة امتدادًا لحملة متواصلة تستهدف المستويات العليا في هرم القيادة الدفاعية الأميركية. وكان هيجسيث قد وجّه في وقت سابق انتقادات علنية لقيادات عسكرية بارزة عبر مشاركاته في برامج إذاعية، معتبراً أن ما يقارب ثلثهم يتعمدون – بحسب وصفه – تسييس المؤسسة العسكرية وتوجيهها بعيدًا عن مهامها الأساسية.
اقرأ أيضًا:
جديد فضيحة “سيغنال”.. هيجسيث استخدمه 12 مرة لمناقشة قضايا حساسة
لماذا بيتر هيجسيث الاختيار الأمثل ليكون وزير دفاع ترامب؟
من هو “بيت هيجسيث” الذي اختاره “ترامب” لوزارة الدفاع؟