مع انطلاق محادثات جنيف، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده لن تناقش مستقبل برنامجها النووي في ظل الهجمات العسكرية الإسرائيلية، ما يضع أجواء متوترة أمام أحدث الجهود الدبلوماسية التي تشارك فيها القوى الأوروبية.
أكد عراقجي، في تصريحات سبقت محادثات جنيف، بشكل قاطع أن طهران لن تعود إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي أو الصاروخي طالما استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية.
ووفقًا لدبلوماسيين نقلت عنهم وكالات مثل رويترز وبي بي سي، فقد نقل عراقجي هذا الموقف علنًا وفي محادثات مباشرة مع مسؤولين أمريكيين وأوروبيين.
وأوضح أن “لا مجال لأي مفاوضات مع الولايات المتحدة حتى تتوقف العدوانية الإسرائيلية”، متهماً واشنطن بأنها “شريك في الجرائم الإسرائيلية ضد إيران”.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن عراقجي أجرى عدة مكالمات هاتفية مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران في 13 يونيو.
وبينما قدمت الولايات المتحدة مقترحًا لإنشاء اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم خارج إيران، رفضت طهران هذا الطرح، وأكدت أن أي مرونة في الملف النووي مشروطة بوقف الهجمات الإسرائيلية.
تجمع مفاوضات جنيف وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بهدف صريح هو خفض التصعيد ومحاولة إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات.
ويأمل الدبلوماسيون الأوروبيون أن تبقى نافذة الدبلوماسية مفتوحة، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيقرر خلال أسبوعين ما إذا كان سينضم إلى الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما اعتُبر “فرصة مؤقتة” للدبلوماسية.
وصرح دبلوماسي أوروبي لشبكة سي إن إن بأن محادثات جنيف ستقدم “عدة أفكار” لإيران لاختبار مدى مرونتها واستكشاف حلول وسط، خاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم. إلا أن الدبلوماسي أقر بأن المحادثات قد لا تحقق نتائج إذا استمر الضغط العسكري على إيران.
تأتي هذه الجولة من المفاوضات في ظل تصعيد دراماتيكي في المنطقة، حيث شنت إسرائيل ضربات واسعة النطاق ضد مواقع نووية وعسكرية إيرانية، مدعية أن هذه العمليات ضرورية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
وردت إيران بهجمات صاروخية على أهداف إسرائيلية، مع استمرار تأكيدها أن برنامجها النووي سلمي بالكامل.
وتشير تقارير استخباراتية غربية، بحسب ما نقلته إن بي سي ورويترز، إلى أن إيران قامت بتخصيب اليورانيوم إلى مستويات قريبة من الدرجة العسكرية، رغم أن المسؤولين الأمريكيين يؤكدون عدم وجود دليل على اتخاذ طهران قرارًا فعليًا بصنع سلاح نووي.
ويؤكد القادة الأوروبيون على ضرورة الحصول على ضمانات قوية بأن البرنامج النووي الإيراني سيبقى مدنيًا بحتًا.
ورغم حضور عراقجي في جنيف، أوضحت الجهات الإيرانية أن مشاركتهم تقتصر على الاستماع إلى وجهة النظر الأوروبية، وليس الدخول في مفاوضات رسمية، حتى تتوقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية.
ويواصل المسؤولون الأوروبيون والأمريكيون حث إيران على استئناف الحوار، محذرين من أن القضية النووية ستظل عالقة حتى لو هدأ الصراع الحالي.
ومع استمرار محادثات جنيف، يبقى احتمال تحقيق اختراق دبلوماسي غير مؤكد، إذ تربط إيران موقفها بشكل وثيق بوقف الأعمال العسكرية الإسرائيلية. وستكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الدبلوماسية ستنجح أم أن المنطقة ستنحدر نحو مواجهة أوسع.