في مؤشر على حالة الارتباك التي خلّفها الهجوم الإسرائيلي على طهران فجر اليوم الجمعة، شهدت الأجهزة الإعلامية الرسمية الإيرانية تخبطًا لافتًا في الإعلان عن خليفة قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، الذي قُتل في الضربات. وبعد أن سارعت وسائل الإعلام في البداية إلى تسمية المسؤول البارز أحمد وحيدي خلفًا لسلامي، عادت وتراجعت إيران عن هذا الإعلان، لتؤكد صدور قرار من المرشد الأعلى علي خامنئي بتكليف اللواء محمد باكبور بقيادة الحرس الثوري.
يُعد اللواء محمد باكبور، القائد الجديد للحرس الثوري الإيراني، شخصية عسكرية مخضرمة، تعود جذوره إلى الأيام الأولى لتأسيس الحرس عقب انتصار الثورة الإسلامية. وقد بدأ باكبور، المولود في مدينة أراك عام 1961، مسيرته الميدانية في إقليم كردستان الإيراني، قبل أن تصقله تجربة الحرب العراقية- الإيرانية التي امتدت لثماني سنوات في الثمانينيات وتكسبه خبرة قتالية واسعة.
وشغل باكبور الذي يحمل درجة الدكتوراه في الجغرافيا السياسية، منصب قائد القوات البرية للحرس الثوري منذ عام 2010، كما قضى خمس سنوات على رأس قيادة العمليات في الجيش، وتولى أدوارًا قيادية في فرقتي “النجف” الثامنة و”عاشوراء” الحادية والثلاثين، قبل أن يتولى لاحقًا قيادة المنطقة الشمالية العسكرية. وبرز كأحد الشخصيات العسكرية المقربة من القائد السابق لفيلق القدس، قاسم سليماني.
وقد تركزت مهام باكبور في السنوات الأخيرة على تعزيز أمن الحدود وقيادة المناورات الدفاعية، وهو معروف بتبريره للوجود العسكري الإيراني في الحرب السورية بأنه يهدف للدفاع عن “عقائد نظام طهران”. يُذكر أن القائد الجديد للحرس الثوري يخضع لعقوبات أمريكية منذ 24 يونيو 2019، حيث أدرجته وزارة الخزانة الأمريكية على قوائمها. وتشمل هذه العقوبات تجميد أي أصول له قد تقع تحت الولاية القضائية الأمريكية، وتمنع أي كيانات أمريكية من الدخول في تعاملات تجارية معه.
بعد ساعات قليلة من اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي في غارة جوية إسرائيلية، تم تداول اسم اللواء أحمد وحيدي، كخليفة لسلامي، قبل أن يتم تصحيح الأمر وإعلان شغل باكبور لهذا المنصب. ووحيدي شخصية ذات ثقل كبير وتاريخ مثير للجدل في المؤسستين العسكرية والأمنية الإيرانية، مما يفسر سبب وروده في التكهنات الأولية. ويُعتبر وحيدي أحد مؤسسي الجهاز الاستخباراتي للحرس الثوري في الثمانينيات، حيث عمل نائبًا لقائد الحرس آنذاك محسن رضائي ومسؤولاً عن وحدة الاستخبارات.
وأصبح وحيدي أول قائد لـ”فيلق القدس”، الذراع الخارجية للحرس الثوري، عند تأسيسه عام 1988. ولاحقًا، تقلّد منصب وزير الدفاع في حكومة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، وأصبح عضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام ورئيسًا للجنته السياسية والدفاعية والأمنية. وعلى الصعيد الدولي، يخضع وحيدي لعقوبات من الاتحاد الأوروبي منذ يونيو 2008 لارتباطه بالأنشطة النووية الإيرانية الحساسة، كما أنه مطلوب للقضاء الأرجنتيني بموجب مذكرة توقيف دولية صدرت في نوفمبر 2006، للاشتباه في تورطه في الهجوم بالقنابل على مركز “آميا” اليهودي في بوينس آيرس عام 1994.