انتقد السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، المساعي الفرنسية لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تكون طرفًا في مؤتمر يُعقد الشهر المقبل في مدينة نيويورك، تستضيفه فرنسا والسعودية، بهدف الدفع نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقال هاكابي في مقابلة حصرية مع شبكة “فوكس نيوز” أُجريت في القدس في وقت سابق من هذا الأسبوع، منتقدًا توقيت المبادرة الفرنسية من الرئيس ماكرون ومضمونها: “من غير المناسب على الإطلاق في خضم الحرب التي تواجهها إسرائيل أن نخرج ونعرض شيئًا أعتقد أن الإسرائيليين يعارضونه بشكل متزايد.” وأضاف أن “السابع من أكتوبر غيّر الكثير من الأمور.”
ووجه السفير الأمريكي رسالة لاذعة إلى منظمي المؤتمر، مقترحًا بسخرية: “إذا كانت فرنسا عازمةً حقًا على رؤية دولة فلسطينية، فلديّ اقتراحٌ لها: اقتطاع جزءٍ من ريف الريفييرا الفرنسية وإنشاء دولة فلسطينية. مرحبٌ بهم للقيام بذلك، ولكن غير مرحبٍ بهم لفرض هذا النوع من الضغط على دولة ذات سيادة.” وعبّر عن استيائه قائلاً: “وأجدُ من المُقزز أن يعتقدوا أن لديهم الحق في فعل شيءٍ كهذا.”
وشدد هاكابي على موقف بلاده النهائي بالقول: “آمل أن يعيدوا النظر في قرارهم، لكن الولايات المتحدة لن تشارك. ببساطة لن تكون جزءًا من هذه الخدعة”. وفي معرض تعليقه على ما أُشير إليه من توترات حديثة بين واشنطن والاحتلال، أقر هاكابي بإمكانية وجود “خلافات” بين إدارة الرئيس دونالد ترامب وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنه أكد أن ذلك لا ينبغي أن يثير مخاوف بشأن مستقبل العلاقات الثنائية.
شدد السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، على الطبيعة الاستثنائية للعلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب، مؤكدًا أنها “شراكة” استراتيجية متجذرة تتجاوز مفاهيم الصداقة أو التحالف التقليدي، موضحًا أن السفير أن هذا الارتباط الوثيق، القائم على تبادل استخباراتي وعسكري مكثف وجوانب حيوية أخرى، هو “خيار حتمي” لكلا البلدين.
وفي هذا السياق، قلل هاكابي من شأن أي تقارير عن توترات، معتبرًا أن ظهور “اختلافات في الرأي أحيانًا” حول سبل إدارة حرب غزة، أو قضية إعادة الرهائن، أو كيفية تجنب نزاع شامل مع إيران، هو “أمر طبيعي” لا يعكس أبدًا أي “خطر أو تصدع” في هذه العلاقة المتينة، ولا ينبغي أن يثير قلق مؤيدي إسرائيل في الولايات المتحدة.
وفي معرض حديثه عن المحادثات الجارية بين واشنطن وطهران، لم يتردد هاكابي في وصف النظام الإيراني بأنه “أحد أكبر التهديدات للسلام العالمي، إن لم يكن أعظمها على الإطلاق”. وحذر من أن طهران لا تشكل “تهديدًا وجوديًا خطيرًا ومباشرًا” لإسرائيل وحدها، بل يمتد هذا الخطر ليشمل عددًا من دول الخليج، وفي نهاية المطاف، الولايات المتحدة نفسها.
واستشهد السفير الأمريكي بالخطاب الإيراني قائلاً: “يقول الإيرانيون إن إسرائيل هي الشيطان الأصغر، لكن أمريكا هي الشيطان الأكبر. لطالما اعتبروا إسرائيل مقبلات والولايات المتحدة الطبق الرئيسي”. وأضاف بجدية: “من المهم جدًا، عندما يُخبرك الناس مرارًا وتكرارًا على مدار 46 عامًا أنهم يخططون لقتلك، أن تبدأ بأخذهم على محمل الجد”.
ورغم هذا التقييم الحاد، أعرب السفير عن أمله في أن تنجح المفاوضات النووية الراهنة بين البلدين وأن تتجنب المنطقة أي نوع من الصراع العسكري، مستدركًا: “ولكن عندما تفشل الدبلوماسية، يظهر الجنود”. ومع ذلك، أبدى هاكابي تشككًا عميقًا في إمكانية تخلي إيران طواعية عن طموحاتها النووية العسكرية، قائلاً: “أجد صعوبة في تصديق أن الإيرانيين، بعد كل هذه السنوات من السعي نحو امتلاك سلاح نووي، سيعودون فجأة إلى رشدهم ويقولون إننا تغيرنا. لم نعد نريد ذلك، لكن دعونا نأمل أن يفعلوا. ولكن إذا لم يفعلوا، فقد كان الرئيس واضحًا تمامًا في أن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا.”
فيما يتعلق بالحرب الدائرة في قطاع غزة، نقل هاكابي وجهة النظر التي تربط إنهاء المعاناة بتحركات من جانب حركة حماس. وقال: “جميعنا نأمل وندعو الله أن تُسلّم حماس جميع الرهائن وتُطلق سراحهم، ثم تُغادر غزة نهائيًا. إذا فعلتَ هذين الأمرين، فقد انتهى الأمر. كان من الممكن أن ينتهي الأمر في 8 أكتوبر 2023؛ كان ينبغي أن ينتهي.” ووصف ما جرى بأنه “سلوك لا يُصدّق، مُريعًا، شنيعًا، غير مُتحضر، ووحشيًا.”
وأشار السفير إلى تأكيدات الرئيس دونالد ترامب المتكررة بأن “حماس لا مستقبل لها” في حكم قطاع غزة، مضيفًا من جانبه: “لا يمكنهم حكمها، ولا يمكنهم البقاء”. وأشار إلى وجود استعداد من الاحتلال لتسهيل مغادرة عناصر حركة حماس إلى المنفى، مشددًا على أن “لديهم طريق للخروج، ولكن ليس لديهم طريق للدخول.” وأكد على ضرورة رحيلهم كشرط أساسي، إلى جانب “إعادة جميع الرهائن الأحياء والأموات”، معربًا عن أمله في أن يتم ذلك بشكل فوري.