أثار اتفاق أوكرانيا لدعم مقترح أمريكي لهدنة لمدة 30 يومًا في الحرب مع روسيا تساؤلات حول مدى استعداد موسكو للقبول به، وما الضغط الذي يمكن أن تمارسه إدارة ترامب على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن حل دبلوماسي للصراع، تبدو المفاوضات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
رغم الخسائر الفادحة في الأرواح والأضرار الاقتصادية والدبلوماسية التي تعاني منها روسيا، فإنها لا تزال ترى نفسها في موقف قوة. يعتقد الكرملين أن أي هدنة ستعود بالفائدة على أوكرانيا، وهو ما يجعل روسيا تطالب بضمانات واضحة قبل أي اتفاق. وفقًا لمصدر روسي رفيع، فإن بوتين يريد على الأقل إطارًا يضمن تحقيق بعض مطالبه، خصوصًا مع تقدم القوات الروسية على الأرض.
لطالما طُرح سؤال حول نفوذ بوتين على ترامب، ولكن الآن يُطرح العكس: ما الذي يستطيع ترامب تقديمه لإقناع بوتين؟ التصريحات الأمريكية توحي بأن إدارة ترامب تبحث عن طرق لدفع روسيا نحو الهدنة، إلا أن العقوبات الاقتصادية الإضافية تبدو غير فعالة بالنظر إلى أن التبادل التجاري بين البلدين تراجع بنسبة 80% منذ بداية الحرب.
في ظل تعثر العقوبات، يبقى العرض الأكثر إغراءً لموسكو هو تخفيف العقوبات المصرفية والسماح لروسيا بالوصول إلى التكنولوجيا الغربية. ومع ذلك، فإن هذه التنازلات قد تواجه معارضة قوية من حلفاء أوكرانيا في أوروبا.
على الجانب الآخر، تتمثل المطالب الروسية في تعهد بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو ونزع سلاحها جزئيًا، إضافة إلى الحفاظ على الأراضي التي ضمتها، خصوصًا شبه جزيرة القرم. وهي شروط من الصعب أن تقبلها كييف أو شركاؤها الغربيون.
في ظل هذه التعقيدات، تبقى ورقة الضغط الحقيقية في يد واشنطن هي زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن إدارة ترامب تبدو مترددة في اتباع هذا النهج، خاصة بعد تعليق المساعدات العسكرية لكييف لفترة مؤقتة. هذا التردد قد يمنح بوتين مزيدًا من الثقة في موقفه.
رغم محاولات واشنطن الدفع نحو هدنة، فإن تحقيقها يعتمد على مدى استعداد بوتين لتقديم تنازلات، وما إذا كانت إدارة ترامب مستعدة لاستخدام أوراق ضغط أكثر تأثيرًا. في الوقت الحالي، لا تزال المعادلة غير محسومة، ويبقى مستقبل المفاوضات مفتوحًا على جميع الاحتمالات.