أظهرت توقعات صندوق النقد الدولي دول مجموعة العشرين ستسجل نموًا قدره 2.9 في المئة فقط بحلول عام 2030، وهو المستوى الأضعف منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2009، وتعكس هذه التقديرات حجم الضغوط التي تواجه الاقتصاد العالمي، وفي مقدمتها ارتفاع الأعباء على الماليات العامة.
وتُظهر بيانات الصندوق أن الاقتصادات المتقدمة داخل المجموعة، ومن بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية، ستكتفي بتحقيق نمو لا يتجاوز 1.4 في المئة عام 2030، وهو ما يشير إلى استمرار التباطؤ الاقتصادي في هذه الدول، مقارنةً بالأداء الأقوى المتوقع للاقتصادات الصاعدة التي تضم الأرجنتين والبرازيل والصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا، حيث يُتوقع أن تحقق نموًا يصل إلى 3.9 في المئة.
وعلى الرغم من تلك التحديات العالمية، فإن قائمة أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نموًا لعام 2025 تكشف عن تفوق عدد من الدول الصاعدة التي ما زالت تمتلك القدرة على تسجيل معدلات نمو قوية، وفي مقدمتها الهند التي تأتي في المركز الأول بنمو يبلغ 6.6%، تليها إندونيسيا بنسبة 4.9%، ثم الصين بنسبة 4.8%، بينما تأتي المملكة العربية السعودية في المركز الرابع بمعدل نمو يبلغ 4.4%، وهو ما يعكس قوة الديناميكية الاقتصادية التي تشهدها المملكة.
وتأتي تركيا في المركز الخامس بنمو يصل إلى 3.5%، ثم البرازيل بنسبة 2.4%، فالولايات المتحدة بنسبة 2%، ثم أستراليا بنسبة 1.8%، تليها المملكة المتحدة بنسبة 1.30%، ثم كندا 1.20%، ثم اليابان وجنوب أفريقيا بنسبة 1.10%، والمكسيك بنسبة 1%.
نمو الاقتصاد السعودي
ويُعد الاقتصاد السعودي أحد أبرز النماذج التي شهدت تحولًا هيكليًا واسعًا منذ إطلاق رؤية السعودية 2030، حيث تبنت الحكومة إصلاحات مالية واقتصادية شاملة عززت من كفاءة الإنفاق ورفعت مستوى التنويع الاقتصادي، إلى جانب توجيه الإنفاق الاستراتيجي نحو الأولويات الوطنية مثل تطوير البنية التحتية وتحفيز الاستثمار وتنمية القطاعات الواعدة.
وأسهمت هذه الإصلاحات في بناء اقتصاد أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع المتغيرات الاقتصادية العالمية، إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، واحتواء معدلات التضخم عند مستويات منخفضة مقارنة بالمتوسطات العالمية.
وخلال الفترة من بداية العام وحتى الربع الثالث من عام 2025، سجل الاقتصاد السعودي نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1 في المئة مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق، ويرجع هذا الأداء بشكل رئيسي إلى النمو القوي في الأنشطة غير النفطية التي سجلت ارتفاعًا بنسبة 4.7 في المئة، مدفوعة بالطلب المحلي المتنامي وارتفاع معدلات الاستهلاك والاستثمار، إلى جانب التوسع في القطاعات الاقتصادية الجديدة والواعدة.
وأسهم هذا التوسع في تعزيز دور القطاع الخاص الذي أصبح أكثر قدرة على خلق فرص العمل وجذب الاستثمارات، مما يعكس نجاح مسار التنويع الاقتصادي. وفي الوقت نفسه، شهدت الأنشطة النفطية نموًا بنسبة 3.9 في المئة نتيجة الزيادة التدريجية في مستويات الإنتاج وفقًا لقرار مجموعة "أوبك+" بإلغاء الخفض التطوعي الإضافي تدريجيًا، وهو ما دعم العوائد النفطية وأسهم في تعزيز الاستدامة المالية.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن الاقتصاد السعودي سيواصل تسجيل معدلات نمو إيجابية خلال عام 2025، حيث يُتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نحو 4.4 في المئة، وأن يحقق القطاع غير النفطي نموًا يصل إلى 5 في المئة، وفقًا لبيان الميزانية. كما تتوقع الحكومة استمرار الزخم الاقتصادي خلال عام 2026، ليصل معدل النمو إلى 4.6 في المئة بدعم الأنشطة غير النفطية ومواصلة تنفيذ المبادرات الاستراتيجية التي تستهدف تحسين بيئة الأعمال وزيادة جاذبية الاستثمار الأجنبي.
وتؤكد وزارة المالية أن ميزانية عام 2026 تهدف إلى الحفاظ على قوة المركز المالي للمملكة وتعزيز الاستدامة المالية من خلال بناء احتياطيات مالية معتبرة، والحفاظ على مستويات آمنة من الدين العام، بالإضافة إلى اعتماد سياسات مالية ونقدية تهدف إلى استقرار الأسعار والحد من التضخم، الذي تشير التوقعات إلى بقائه عند مستوى 2.3 في المئة خلال عام 2025.









