يثير حجم الذهب في باطن الأرض المتاح للاستخراج تساؤلات متزايدة حول مستقبل المعدن الأصفر، خاصة مع الارتفاعات القياسية التي شهدها عام 2025، حيث تجاوز سعره حاجز 4000 دولار للأونصة للمرة الأولى في التاريخ.
ويأتي هذا الاهتمام في وقت يلجأ فيه المستثمرون والبنوك المركزية حول العالم إلى الذهب كملاذ آمن في مواجهة حالة عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية، مما يضع ندرة هذا المورد الطبيعي في دائرة الضوء.
كم تبلغ كمية الذهب في باطن الأرض
تكشف بيانات حديثة صادرة عن المجلس العالمي للذهب وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، أن إجمالي كمية الذهب التي تم تعدينها على مر التاريخ تصل إلى حوالي 216,265 طنًا، ولو تم صهر هذه الكمية بأكملها، فإنها ستشكل مكعبًا واحدًا لا يتجاوز ارتفاع ضلعه 22.3 مترًا، وهو ما يعادل تقريبًا ارتفاع مبنى مكون من 4 طوابق.
وفي المقابل، تُقدّر الاحتياطيات المؤكدة والقابلة للاستخراج اقتصاديًا من الذهب في باطن الأرض بحوالي 64,000 طن فقط، وهي كمية تشكل مكعبًا أصغر حجمًا يبلغ ارتفاع ضلعه 15.2 مترًا.
ويعود الفضل في استخراج الجزء الأكبر من هذه الكميات إلى العصر الحديث، حيث تم استخراج ثلثي إجمالي الذهب المعروف منذ عام 1950 بفضل التطورات التكنولوجية الهائلة التي أتاحت عمليات التعدين على نطاق واسع.
وتستخدم هذه الكميات الهائلة في مجالات متعددة، إذ يوجد حوالي 45% من الذهب المستخرج على شكل مجوهرات، بينما يتم الاحتفاظ بـ 22% كسبائك وعملات معدنية.
وتمتلك البنوك المركزية مجتمعة حوالي 17% من الإجمالي، حيث تستخدمه كأداة تحوط استراتيجية ضد التضخم وعدم الاستقرار الجيوسياسي.
ويأتي هذا الاهتمام المتزايد بالكميات المتبقية من الذهب في باطن الأرض في أعقاب أقوى موجة صعود للمعدن منذ سنوات، حيث ارتفعت أسعاره بأكثر من 50% خلال عام 2025.
ويعزى هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل، أبرزها ضعف الدولار، والتقلبات الجيوسياسية العالمية، خاصة بعد العقوبات الصارمة التي فرضتها واشنطن على روسيا، مما دفع دولًا مثل الصين إلى تنويع احتياطياتها بعيدًا عن سندات الخزانة الأمريكية والتوجه نحو الذهب، كما أقبل المستثمرون الأفراد على شرائه كوسيلة للتحوط من التضخم المستمر.
ورغم أن هذه الأرقام تبدو محدودة، إلا أن الخبراء يؤكدون أن احتياطيات الذهب في باطن الأرض لا تقتصر على الـ 64,000 طن المؤكدة، فهناك المزيد من الرواسب غير المكتشفة، ومع ارتفاع أسعار الذهب، تصبح الرواسب الأصغر أو ذات الجودة المنخفضة أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية للتعدين، كما أن الأسعار المرتفعة تخلق حافزًا قويًا للشركات للبحث والتنقيب عن المزيد من رواسب الذهب في باطن الأرض، مما قد يؤدي إلى اكتشافات جديدة في المستقبل.
