تظهر بيانات البنك الدولي لعام 2024 أن الفقر المدقع لا يزال يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية، مع تركز الأزمة بشكل خاص في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، التي تضم 23 من أصل 30 دولة تسجل أعلى المعدلات عالميًا.
وتكشف البيانات أن حوالي 559 مليون شخص في هذه المنطقة يعيشون في حالة فقر مدقع، بمتوسط إقليمي يصل إلى 45.5%، مما يسلط الضوء على فجوة تنموية هائلة تتطلب تضافر الجهود الدولية لمواجهتها.
ويعتمد البنك الدولي في تعريفه للفقر المدقع على معيار العيش بأقل من 3 دولارات أمريكية يوميًا، مع تعديل هذا الرقم ليعكس تعادل القوة الشرائية وتكاليف المعيشة في كل دولة.
ورغم أن وتيرة الحد من الفقر المدقع عالميًا قد تباطأت بشكل مقلق، فإن الأرقام تظهر تفاوتًا كبيرًا في حدة الأزمة بين مختلف مناطق العالم.
تهيمن الدول الأفريقية على قمة قائمة الدول الأكثر معاناة من الفقر المدقع، حيث تتصدر جمهورية الكونغو الديمقراطية القائمة بنسبة صادمة تصل إلى 85.3% من سكانها، تليها موزمبيق بنسبة 82.2%، ثم مالاوي بنسبة 75.4%، وبوروندي بنسبة 74.2%.
وتعكس هذه النسب المرتفعة حجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهها هذه الدول، والتي تفاقمت بفعل عوامل متعددة أدت إلى استمرار دورة الفقر المدقع.
وخارج القارة الأفريقية، تبرز كوسوفو كأعلى دولة من حيث معدل الفقر المدقع بنسبة تصل إلى 25%، لتحتل المرتبة 19 عالميًا، حيث يواجه هذا البلد الأوروبي تحديات خاصة تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة واستمرار حالة من عدم الاستقرار، وهي عوامل تساهم بشكل مباشر في إعاقة جهود التنمية الاقتصادية.
وعلى صعيد الشرق الأوسط، تسجل سوريا أعلى معدلات الفقر المدقع بنسبة 16.5%، وهو رقم يعكس الأثر المدمر للنزاعات طويلة الأمد على سبل عيش السكان.
وفي أمريكا اللاتينية، تظهر دول مثل هندوراس (17%) وغواتيمالا (9.7%) في القائمة، مما يشير أن الأزمة عالمية ولا تقتصر على منطقة بعينها.
وفي آسيا، تسجل دول مثل الفلبين (11.5%) وبنغلاديش (8.0%) نسبًا أقل حدة، لكنها لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا نظرًا للكثافة السكانية العالية.
وتشير هذه البيانات مجتمعة أن مواجهة الفقر المدقع تتطلب سياسات موجهة تأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة بكل منطقة، مع التركيز على الاستقرار والتنمية المستدامة.