أعلنت الهيئة الدولية الرائدة في تقييم أزمات الغذاء، اليوم الثلاثاء، أن “سيناريو المجاعة الأسوأ يحدث حاليًا في قطاع غزة”، متوقعةً حدوث “وفيات على نطاق واسع” ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة.
ويأتي هذا التنبيه، الذي لا يرقى بعد إلى إعلان رسمي عن المجاعة، في أعقاب صدمة عالمية أثارتها صور أطفال يعانون من الهزال الشديد وتقارير عن وفاة العشرات جوعًا بعد قرابة 22 شهرًا من الحرب.
أصدر “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، وهو المرجعية العالمية في هذا المجال، تنبيهًا جديدًا يؤكد أن غزة تتأرجح على حافة المجاعة منذ عامين، لكن التطورات الأخيرة أدت إلى “تدهور الأوضاع بشكل كبير”، بما في ذلك “الحصار المشدد بشكل متزايد” من قبل الكيان المحتل.
ورغم الضغوط الدولية التي دفعت الكيان المحتل خلال عطلة نهاية الأسبوع للإعلان عن تدابير مثل هدن إنسانية يومية في بعض أجزاء القطاع وعمليات إنزال جوي، تؤكد الأمم المتحدة والفلسطينيون على الأرض أن شيئًا يذكر لم يتغير، حيث لا تزال الحشود اليائسة تقتحم شاحنات المساعدات وتفرغها قبل وصولها إلى وجهاتها.
ورغم أن الإعلان الرسمي عن المجاعة أمر نادر ويتطلب بيانات دقيقة يصعب جمعها في ظل انعدام الوصول إلى غزة وصعوبة الحركة داخلها، فإن الخبراء المستقلين يؤكدون أنهم لا يحتاجون إلى إعلان رسمي لمعرفة حقيقة ما يشاهدونه.
وفي هذا السياق، قال أليكس دي وال، مدير مؤسسة السلام العالمي ومؤلف كتاب “المجاعة الجماعية: تاريخ ومستقبل المجاعة”، لوكالة “أسوشيتد برس”: “تمامًا كما يمكن لطبيب الأسرة تشخيص مريض يعرفه جيدًا بناءً على الأعراض الظاهرة دون الحاجة لإرسال عينات إلى المختبر وانتظار النتائج، يمكننا أيضًا تفسير أعراض غزة، فهذه مجاعة”.
ويتطلب الإعلان الرسمي عن المجاعة تحقق ثلاثة شروط فنية قاسية مجتمعة: أن تواجه 20% على الأقل من الأسر نقصًا حادًا في الغذاء أو تكون في حالة جوع فعلي، وأن يعاني 30% على الأقل من الأطفال بين ستة أشهر وخمس سنوات من سوء التغذية الحاد أو الهزال، وأن يموت شخصان على الأقل أو أربعة أطفال دون سن الخامسة يوميًا لكل 10,000 شخص بسبب الجوع أو تفاعل سوء التغذية مع الأمراض.
ويستند التقرير الأخير، الذي اعتمد على معلومات متاحة حتى 25 يوليو، إلى أن الأزمة وصلت إلى “نقطة تحول مقلقة ومميتة”.
وتشير البيانات أن عتبات المجاعة قد تم بلوغها بالفعل فيما يتعلق باستهلاك الغذاء في معظم أنحاء غزة، والذي وصل إلى أدنى مستوياته منذ بدء الحرب، وكذلك فيما يتعلق بسوء التغذية الحاد في مدينة غزة، حيث يعاني ما يقرب من 17 من كل 100 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد.
وتظهر الأدلة المتزايدة “تجويعًا واسع النطاق”، مع انهيار الخدمات الصحية والأساسية، ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، فإن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص في غزة يمضي أيامه دون طعام.
وفي تحذير سابق، أكد التصنيف المرحلي أن غزة ستسقط على الأرجح في براثن المجاعة إذا لم ترفع إسرائيل حصارها وتوقف حملتها العسكرية.
واليوم، يدعو التنبيه الجديد إلى تحرك فوري وواسع النطاق، محذرًا من أن “الفشل في التحرك الآن سيؤدي إلى وفيات واسعة النطاق في معظم أنحاء القطاع”.