أعلنت السلطات الصحية في ولاية أريزونا الأمريكية وفاة أحد السكان بسبب مرض الطاعون، في حادثة نادرة تعيد إلى الأذهان واحدًا من أخطر الأوبئة في تاريخ البشرية.
وأكد مسؤولون في مقاطعة كوكونينو شمال الولاية، يوم الجمعة، أن الوفاة نتجت عن الإصابة بالطاعون الرئوي، وهو النوع الأشد فتكًا من المرض، وتعد هذه أول حالة وفاة مسجلة بهذا النوع المحدد في المقاطعة منذ عام 2007.
ورغم أن السلطات لم تكشف عن تفاصيل إضافية حول هوية الضحية، إلا أن الحادثة سلطت الضوء مجددًا على وجود هذه العدوى البكتيرية التي، على الرغم من ندرتها في العصر الحديث، لا تزال تشكل تهديدًا قائمًا في بعض المناطق حول العالم.
الطاعون هو مرض تسببه بكتيريا “يرسينيا بيستيس”، والتي تنتقل عادةً بين القوارض البرية مثل كلاب البراري والسناجب عن طريق البراغيث.
ويمكن أن ينتقل إلى البشر إما عن طريق لدغة برغوث مصاب أو من خلال التعامل المباشر مع حيوان مصاب، وللمرض ثلاثة أشكال رئيسية أولها الدبلي، وهو الأكثر شيوعًا ويصيب الغدد الليمفاوية، والإنتاني، الذي ينتشر في مجرى الدم، والرئوي، الذي يصيب الرئتين.
ويعتبر الطاعون الرئوي هو الأخطر على الإطلاق، ليس فقط لكونه مميتًا إذا لم يعالج فورًا، ولكن أيضًا لقدرته على الانتقال من شخص لآخر عبر الرذاذ التنفسي.
وعلى الرغم من خطورته، يمكن علاج الطاعون بفعالية باستخدام المضادات الحيوية الحديثة إذا تم تشخيصه في وقت مبكر.
يحمل مرض الطاعون إرثًا تاريخيًا مرعبًا، فهو المسؤول عن جائحة “الموت الأسود” التي اجتاحت أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا في القرن الرابع عشر.
تسببت تلك الجائحة في وفاة ما بين 75 إلى 200 مليون شخص، وقضت على ما يقدر بنحو 30% إلى 60% من سكان أوروبا، مما أدى إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية وديموغرافية هائلة غيرت وجه القارة إلى الأبد.
لم تكن تلك هي الجائحة الوحيدة، فقد سبقتها “جائحة جستنيان” في القرن السادس، وتلتها “الجائحة الثالثة” التي بدأت في الصين في القرن التاسع عشر وانتشرت عالميًا.
ورغم أن الطاعون أصبح اليوم تحت السيطرة إلى حد كبير بفضل التقدم الطبي، إلا أنه لم يتم القضاء عليه تمامًا، حيث لا يزال يوجد في بؤر طبيعية بين الحيوانات في مناطق متفرقة من العالم، بما في ذلك الولايات الغربية في أمريكا مثل أريزونا، نيو مكسيكو، كولورادو، وكاليفورنيا.