كشف أيقونة السينما الهندية سلمان خان، مؤخرًا عن معركته الطويلة والمؤلمة مع مشكلات صحية معقدة، أبرزها ألم العصب الثلاثي التوائم وتشوه شرياني وريدي في الدماغ.
وجاء الاعتراف الشجاع من نجم بوليوود خلال ظهوره في برنامج “ذا جريت إنديان كابيل شو”، ليوضح سبب الإرهاق الذي لاحظه محبوه عليه في فترات سابقة، محولاً القلق إلى تفاعل واسع النطاق حول طبيعة هذا المرض الذي وصفه سلمان خان بأنه من أقسى الآلام التي يمكن أن يختبرها إنسان. وسلط حديث خان – 59 عامًا – الضوء على حالة طبية نادرة وشديدة التأثير تُعرف باسم “ألم العصب الثلاثي التوائم” هذا الاضطراب لا يهدد الحياة بشكل مباشر، ولكنه قادر على تغيير مسارها بالكامل، حيث إن الألم الذي يسببه قد يدفع البعض، بحسب وصف النجم نفسه، إلى التفكير في إنهاء حياتهم.
يُعرَّف ألم العصب الثلاثي التوائم (Trigeminal Neuralgia) بأنه اضطراب عصبي مزمن يتسبب في هجمات ألم مبرحة ومفاجئة في الوجه. غالبًا ما يحدث نتيجة ضغط وعاء دموي على جذر العصب الثلاثي التوائم عند نقطة دخوله إلى جذع الدماغ. هذا العصب هو المسؤول عن نقل الإحساس من الوجه والرأس إلى الدماغ، وعندما يتعرض لهذا الضغط، فإنه يرسل إشارات ألم خاطئة وشديدة.
يُطلق على المرض أيضًا اسم “التشنج المؤلم” (Tic Douloureux) وهو يجسد حالة جسدية ونفسية معقدة. على الرغم من أن هذا المرض لا يصنف كحالة مميتة، إلا أن تأثيره على جودة الحياة قد يكون كارثيًا.
يتم تصنيف أسباب الإصابة بمرض العصب الثلاثي التوائم الذي أصاب سلمان خان، إلى ثلاثة أنواع رئيسية: النوع الأولي (الكلاسيكي) وهو الأكثر شيوعًا وينتج عن ضغط الأوعية الدموية، والنوع الثانوي الذي ينتج عن حالة طبية أخرى مثل التصلب اللويحي أو ورم أو تشوه شرياني وريدي، وهو ما يعاني منه سلمان خان إلى جانب ألم العصب الثلاثي التوائم. أما النوع الثالث فهو مجهول السبب، حيث لا يتمكن الأطباء من تحديد مصدر واضح للألم.
هناك مجموعة من الأعراض التي قد تشير إلى الإصابة بمرض العصب الثلاثي التوائم، ولكن هناك عرضًا رئيسي وهو الشعور بألم حاد ومفاجئ يشبه الصدمة الكهربائية أو الوخز الشديد، وعادة ما يصيب جانبًا واحدًا من الوجه. يمكن أن تكون هذه النوبات قصيرة، تستمر من بضع ثوانٍ إلى دقيقتين، لكنها قد تتكرر بشكل متلاحق على مدى ساعتين. ويمكن أن تتسبب الأنشطة اليومية البسيطة مثل المضغ، التحدث، الابتسام، تنظيف الأسنان، وضع المكياج، أو حتى هبوب نسمة هواء خفيفة على الوجه، في إثارة هذه الهجمات المؤلمة.
وهناك نمطان للأعراض، الأول هو “الألم الانتيابي” الذي يتميز بنوبات حادة ومتقطعة تتخللها فترات من الراحة. أما النمط الثاني، فيعرف بـ “الألم المستمر” ويكون أقل حدة ولكنه يتسم بوجود إحساس دائم بالحرقان أو الوخز الخفيف. ومع مرور الوقت، قد تزداد شدة النوبات وتكرارها، مما يجعل السيطرة على الأعراض تحديًا متزايدًا للمريض.
نظرًا لشدة الحالة، فإن خطة العلاج غالبًا ما تكون متعددة الأوجه. يبدأ الأطباء عادةً بالعلاج الدوائي، حيث تُعتبر الأدوية المضادة للصرع مثل “كاربامازيبين” و”أوكسكاربازيبين” خط الدفاع الأول، لقدرتها على حجب إشارات الألم. قد تُستخدم أيضًا مرخيات العضلات وأدوية أخرى، ولكن فعاليتها قد تتضاءل مع مرور الوقت.
عندما تفشل الأدوية، أو في الحالات الثانوية مثل حالة سلمان خان، تصبح الجراحة خيارًا مطروحًا. وتشمل الخيارات الجراحية ما يلي:
تخفيف الضغط الدقيق للأوعية الدموية (MVD): وهي الجراحة الأكثر فعالية على المدى الطويل، حيث يتم إبعاد الوعاء الدموي الضاغط عن العصب.
الجراحة الإشعاعية (جامانايف): يتم فيها توجيه حزمة إشعاع مركزة إلى جذر العصب لتعطيل إشارات الألم، ولكن نتائجها تستغرق وقتًا لتظهر.
بَضعُ الجذر (Rhizotomy): يتم فيها إتلاف ألياف العصب بشكل متعمد لمنع الألم، ولكنها قد تؤدي إلى خدر دائم في الوجه.
إلى جانب ذلك، يمكن اللجوء إلى علاجات تكميلية مثل حقن البوتوكس، الوخز بالإبر، والعلاج النفسي لمساعدة المريض على التأقلم مع التأثير النفسي الشديد للمرض، والذي قد يشمل الاكتئاب والعزلة الاجتماعية. إن رحلة علاج ألم العصب الثلاثي التوائم طويلة ومعقدة، وتتطلب متابعة مستمرة وشجاعة كبيرة من المريض، وهو ما يظهره سلمان خان في مواجهته لهذا التحدي.