في الوقت الذي تشهد فيه الأزمات القلبية انخفاضًا بين كبار السن حول العالم، يتزايد معدل الإصابة بها بين الشباب بمعدلات مثيرة للقلق. ويرى العديد من الأطباء أن هذا الاتجاه المتصاعد يشكّل أزمة صحية عامة تتطلب استجابة عاجلة. الشباب هنا يُقصد بهم من تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عامًا. وتؤكد دراسات حديثة أن أمراض القلب، بما في ذلك الأزمة القلبية والسكتات القلبية وفشل القلب، أصبحت أكثر شيوعًا في صفوف هذه الفئة العمرية مقارنة بالعقود الماضية. ويُرجع الخبراء ذلك إلى أنماط الحياة المتدهورة مثل التغذية السيئة وقلة النشاط البدني، بالإضافة إلى آثار فيروس كورونا المحتملة على الصحة القلبية.
وفقًا للمركز الوطني للإحصاءات الصحية في الولايات المتحدة، ارتفعت نسبة الإصابة بالأزمات القلبية بين البالغين من 18 إلى 44 عامًا من 0.3٪ في عام 2019 إلى 0.5٪ في عام 2023، أي بزيادة تُقدّر بـ66٪ خلال أربع سنوات فقط. وفي المقابل، انخفضت الإصابات في الفئات العمرية الأخرى.
دراسة أجريت على أكثر من 2000 مريض شاب دخلوا المستشفى بين عامي 2000 و2016، أظهرت أن واحدًا من كل خمسة كان عمره 40 عامًا أو أقل، وأن نسبة هذه الفئة في تزايد مستمر بمعدل 2٪ سنويًا.
الأخطر من ذلك أن الشباب الذين يصابون بأزمات قلبية لديهم نفس احتمالية الوفاة لاحقًا جراء نوبة أخرى أو سكتة دماغية مثل كبار السن. بل إن الوفاة نتيجة فشل القلب بين من هم دون 45 عامًا خلال الفترة من 2012 إلى 2021 كانت كافية لعكس 13 عامًا من التحسن في معدلات الوفيات منذ عام 1999، بحسب دراسة في “جاما كارديولوجي”.
في عام 2024، تصدّر العناوين خبر إصابة رجل رياضي يبلغ من العمر 38 عامًا بأزمة قلبية مفاجئة أثناء مشاركته في ماراثون نيويورك، رغم عدم وجود عوامل خطر معروفة لديه. كما انهار “بروني جيمس”، نجل نجم كرة السلة ليبرون جيمس، خلال تدريباته في جامعة كاليفورنيا عام 2023 بسبب سكتة قلبية ناتجة عن خلل خلقي.
رغم أن الرجال تاريخيًا أكثر عرضة للإصابة بالأزمات القلبية، تشير دراسات حديثة إلى أن الشابات أصبحن أكثر عرضة للإصابة أيضًا، مع نتائج صحية أسوأ. دراسة نشرتها مجلة Circulation عام 2018 وجدت أن نسبة دخول النساء من عمر 35 إلى 54 للمستشفيات بسبب نوبات القلب ارتفعت من 21٪ إلى 31٪ بين عامي 1995 و2014، مقارنة بزيادة طفيفة لدى الرجال.
وغالبًا ما يتم تجاهل أعراض النساء من قبل الأطباء، ولا يتم تشخيص المخاطر لديهن بشكل دقيق، كما يقل حصولهن على الأدوية الوقائية مقارنة بالرجال.
يؤكد الدكتور رون بلانكشتاين من مستشفى بريغهام للنساء بجامعة هارفارد أن “الشباب ليسوا محصنين ضد أمراض القلب”، لكنه يشير إلى أن “الغالبية العظمى من أمراض القلب يمكن الوقاية منها عبر اتباع نمط حياة صحي منذ سن مبكرة”.