بسطت الصين هيمنتها على سوق الطاقة الشمسية العالمية في عام 2024، بعدما نصبت نفسها الرائدة في تركيب الألواح الكهروضوئية بإجمالي 329 جيجاواط.
وتضيف الصين وحدها أكثر من نصف السعة الشمسية المركبة عالميًا، إذ استحوذت على «55 في المئة من إجمالي السعة» بحسب تقرير «SolarPower Europe». وبهذا التفوق، تتجاوز بكين منافسيها جميعًا، تاركة الولايات المتحدة في المركز الثاني بنسبة 8 في المئة، والهند ثالثة بـ5 في المئة فقط.
ووفق تحليل «Carbon Brief»، ركّبت الصين داخليًا في عام واحد طاقة شمسية أكبر من حجم صادراتها للخار، وهو ما تحقق بفضل مزيج من السياسات الحكومية المحفزة، والقدرات الصناعية الضخمة على تصنيع الخلايا والألواح أيضًا.
سجّلت الولايات المتحدة قفزة ملحوظة بزيادة 50 جيجاواط في 2024، ما يعادل نموًا بنسبة 54 في المئة عن العام السابق. أما الهند فحققت مفاجأة أكبر، إذ أضافت 30.7 جيجاواط، أي زيادة بلغت 145 في المئة. هذه الطفرة، رغم أهميتها، لم تغيّر كثيرًا في موازين القوى، إذ بقيت الصين في الصدارة بفارق شاسع.
وبلغت السعة الشمسية العالمية رقمًا قياسيًا عند 597 جيجاواط بنهاية 2024، بعدما أضيف 148 جيجاواط جديدة خلال العام. وحافظت منطقة آسيا-المحيط الهادئ على موقعها المتقدم، حيث شكّلت 70 في المئة من الإضافات العالمية، ما يعكس ثقل المنطقة في سباق الطاقة النظيفة.
في السياق ذاته، سجّلت أسواق مثل البرازيل وألمانيا تقدمًا متواضعًا بنسبة 3 في المئة لكل منهما، فيما تراوحت مساهمة دول مثل إسبانيا وتركيا وإيطاليا واليابان وفرنسا حول 1 في المئة لكل منها. أما بقية دول العالم فشكّلت 19 في المئة من الإجمالي.
تدل هذه الأرقام على أن التحوّل نحو الطاقة المتجددة لم يعد خيارًا ثانويًا، بل أصبح جزءًا من معادلة اقتصادية وجيوسياسية كبرى.
ولا تُصنّع الصين اليوم الألواح فقط، بل تعيد رسم خريطة الطاقة في العالم. نجاحها لا ينفصل عن سياسات مدروسة بدأت قبل عقدين، حين ضخت استثمارات هائلة في البنية التحتية للطاقة المتجددة، ووفّرت دعمًا حكوميًا سخيًا للمشروعات الناشئة.
يأتي ذلك بعد سنوات من الانتقادات الدولية لبكين بوصفها أكبر مصدر لانبعاثات الكربون. والآن، تحاول القيادة الصينية أن تقدم نفسها بوصفها رائدة «التحوّل الأخضر»، في مفارقة تعكس سرعة تبدّل الأولويات في عالم السياسة والاقتصاد.
رغم هذا التفوق، لا تزال المنافسة محتدمة. فالهند تراهن على طفرتها لتقليص الفجوة مع بكين، والولايات المتحدة تدفع بمبادرات تشريعية لزيادة حصتها، فيما تتجه أوروبا لتعزيز التكامل بين سياساتها المناخية وسوقها الداخلية.
لكن المؤكد أن الصين، من شوارع بكين الصناعية إلى صحاري شينجيانج المليئة بالمزارع الشمسية، تواصل رسم معالم المرحلة المقبلة في صناعة الطاقة النظيفة.