تسيطر حالة من التوتر على العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، على إثر رفض الأخير مطالب الأول بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر.
وواصل ترامب هجومه اللفظي على باول، وهو ما أدى إلى إثارة القلق في الأسواق المالية التي باتت تخشى خطوة رئاسية بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي على خلفية هذه الأحداث.
حتى الآن لا يبدو ما إذا كان ترامب يمتلك النفوذ بإقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي أم لا، ولكن قانون الاحتياطي الفيدرالي لعام 1913 ينص على أنه لا يجوز عزل أعضاء مجلس محافظيه، الذين يعينهم الرئيس ويؤكدهم مجلس الشيوخ لفترات متداخلة مدتها 14 عاما، إلا لـ”سبب” – وهو ما كان يُعتقد لفترة طويلة أنه يعني سوء السلوك، وليس الخلاف على السياسات.
ولا توجد سابقة قانونية يمكن القياس عليها، إذ لم يسبق لرئيس جمهورية أن حاول إقالة الاحتياطي الفيدرالي، ولكن في نفس الوقت هناك دعاوى قضائية حاليًا أمام المحاكم خاصة بإقالات لا تتعلق بنفس المجال قام بها ترامب وقد تكون مؤشرًا على امتلاكه لتلك السلطة.
ستتوقف تداعيات إقالة باول على الطريقة التي سيتبعها ترامب لتنفيذ هذه الخطوة، خصوصًا وأن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي يشغل 3 مناصب حالية على غرار أسلافه وهي: رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وعضو مجلس المحافظين، ورئيس لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية التي تحدد أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.
إذا حاول ترامب إقالة باول من منصبه كرئيسٍ لمجلس الاحتياطي الفيدرالي فقط، فمن المرجح أن يستمر باول في منصبة كمحافظ حتى نهاية ولايته في يناير 2028. كما أنه لن يحدث شغورٌ في المجلس حتى يناير 2026، مما يعني أن ترامب لن يملك في هذه الأثناء سوى خيار ترشيح أحد المحافظين الحاليين الآخرين لرئاسة المجلس.
كان ترامب عيّن اثنين من هؤلاء المحافظين الستة الآخرين خلال ولايته الأولى وهما: كريستوفر والر وميشيل بومان، ورشحهما ترامب مؤخرًا لمنصب رئيس مجلس إدارة الرقابة على البنوك. وأكد كلاهما ضرورة استقلال الاحتياطي الفيدرالي، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان أيٌّ منهما سيُنفّذ على الفور تخفيضات أسعار الفائدة التي يريدها ترامب.
لا يمتلك ترامب سلطة مباشرة على رئيس لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، ويتم اختيار رئيس جنة سنويًا من قِبل أعضاء اللجنة الاثني عشر وهم المحافظون السبعة، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وأربعة من رؤساء البنوك الإقليمية الأخرى، الذين يشغلون مناصبهم في اللجنة بالتناوب. وتختص لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية باختيار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، فيما يكون رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك نائبًا له. ويكون للجنة الحق في اختيار أي عضو وقد يكون باول نفسه.
إذا نجح ترامب في إقالة باول من منصب المحافظ، فسيكون لتلك الخطوة الأثر الأكبر، خصوصًا إذا صمد القرار أمام الطعن القانوني، إذ سيترك وقتها منصبًا شاغرًا في مجلس الإدارة ورئيس البنك المركزي، ليملأه بمرشح من اختياره. كما سيفتح الباب أمام ترامب لإقالة أي عدد من المحافظين الآخرين كما يشاء، لتنصيب قيادة أوسع في الاحتياطي الفيدرالي يراها متوافقة مع رغباته. وسيكون لباول الحق في الطعن على قرار إقالته أمام المحكمة الفيدرالية.
وكان ترامب بالفعل ناقش احتمالية إقالة باول من منصبه واستبداله بكيفن وارش، الذي شغل منصب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي بين عامي 2006 و2011. وفق صحيفة وول ستريت جورنال. وقالت الصحيفة إن وارش نصح بعدم القيام بذلك، داعيا ترامب إلى السماح لباول بالبقاء حتى انتهاء فترة ولايته كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي في مايو 2026.
وخلال الأسبوع الماضي أيضا، قال المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت، والذي يُنظر إليه أيضا كبديل محتمل لباول، إن الأمر كان موضوع دراسة مستمرة داخل الإدارة.
اقرأ أيضًا:
ماسك وترامب في مواجهة الاحتياطي الفيدرالي.. هل نقترب من نهاية البنك المركزي الأمريكي؟
3 أسباب تجعل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يتحكم في مصير العالم
لماذا يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة؟
