تحوّل فرانشيسكو أتشيربي إلى حديث الوسط الكروي الرياضي العالمي بعد أن سجل هدف تعادل إنتر ميلان أمام برشلونة في الوقت المحتسب بدلًا عن الضائع، خلال المواجهة التي جمعتهما أمس الثلاثاء، في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2024-2025.
أبقى “أتشيربي” على آمال الفريق الإيطالي، وساعد النيراتزوري في النهاية على حجز مكانه في نهائي دوري أبطال أوروبا، بفوزه على الفريق الكتالوني بنتيجة (4-3) في سان سيرو.
وربما لم يكن التحوّل في أحداث مباراة الأمس ليحدث أبدًا، حيث كان المدافع البالغ من العمر 37 عامًا يخطط للاعتزال منذ زمن طويل، فما قصته؟
في عام 2013، شعر “أتشيربي” أن مسيرته قد وصلت إلى طريق مسدود، لكن كل شيء تغير عندما تم تشخيص إصابته بسرطان الخصية مرتين، فبدلاً من أن يُحطمه المرض، منحه هدفًا.
قال “أتشيربي” ذات مرة: “لولا السرطان، لاعتزلت في الثامنة والعشرين من عمري، وربما كنت سألعب في دوري الدرجة الثانية مع سيتاديلا، لكن مع السرطان، بدأت حياتي الحقيقية، وكنتُ سعيدًا تقريبًا لأنني قلت لنفسي سأحاربه كما لو كنت في مباراة كرة قدم”.
بدأت قصة أتشيربي في بلدة فيتزولو بريدابيسي، وهي بلدة صغيرة جنوب شرق ميلانو، وبعد أن لعب مع أندية مختلفة في الدرجات الأدنى، بما في ذلك نادي إيه سي بافيا المحلي، حصل اللاعب الإيطالي أخيرًا على فرصة الانضمام إلى فريق أكبر عندما وقّع معه نادي ريجينا، الذي كان يلعب مؤخرًا في دوري الدرجة الثانية الإيطالي عام 2010.
كان أتشيربي، البالغ من العمر 22 عامًا، عنصرًا أساسيًا في موسم 2010-2011 لفريق ريجينا في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، حيث فشل الفريق بشق الأنفس في العودة إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي بعد هزيمته في نصف نهائي الملحق أمام نوفارا.
شهد العامان التاليان انتقال أتشيربي إلى أندية عديدة، ففي يونيو 2011، بعد حوالي عام من انضمامه إلى ريجينا، باع جنوة حقوق الملكية المشتركة للاعب إلى كييفو فيرونا، حيث لعب 17 مباراة في الدوري الإيطالي في موسمه الأول، وبعد عام، جاء دور ميلان ليحصل على جزء من حقوق ملكية أتشيربي، مانحًا الروسونيري أتشيربي أول فرصة له للانضمام إلى نادٍ كبير.
لعب فرانشيسكو أتشيربي 6 مباريات فقط خلال فترة 6 أشهر مع الروسونيري قبل أن يُباع مرة أخرى إلى جنوة مقابل 4 ملايين يورو، ويُعار إلى كييفو، أحد أنديته السابقة، لما تبقى من موسم 2012-2013.
في فترة الانتقالات الصيفية لعام 2013، أنفق نادي ساسولو، الصاعد حديثًا إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي، 1.8 مليون يورو على نصف حقوق ملكية أتشيربي، بينما لا يزال النصف الآخر ملكًا لجنوة.
وفي هذا الصيف، وصلت نقطة تحول ليس فقط في مسيرة أتشيربي المهنية، بل في حياته أيضًا، فقبل أن تتاح له حتى فرصة ركل الكرة في الملعب مع فريق نيروفيردي، خضع اللاعب لفحوصات طبية روتينية خلال فترة ما قبل الموسم، وفي هذا الفحص، اكتشف الأطباء وجود كتلة في خصية اللاعب الإيطالي، مما يدل على إصابته بورم سرطاني محتمل.
سارع الأطباء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، وخضع لعملية جراحية في ميلانو لإزالة الورم، واعتُبرت الجراحة ناجحة، ولعب “أتشيربي” 13 مباراة مع ساسولو في بداية موسم 2013-2014 من الدوري الإيطالي، إلا أن قلب الدفاع فشل في اختبار المنشطات في ديسمبر 2013، نافياً بشكل قاطع استخدام أي عقاقير مُحسّنة للأداء، ومشيرًا إلى أن ذلك ربما كان نتيجةً لأدوية ما بعد الجراحة.
في هذا الاختبار، جاءت نتيجة فحص أتشيربي إيجابية لمستويات عالية من هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية، وهو هرمون يستخدمه الرياضيون عادةً بشكل غير قانوني لزيادة هرمون التستوستيرون.
أوقف الاتحاد الإيطالي لكرة القدم فرانشيسك أتشيربي لاحقًا إلا أن ما لم يأخذه الاتحاد في الاعتبار هو أن هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية معروف بأنه يُنتج من الأورام.
في الوقت الذي كانت فيه أحوال أتشيربي تتحسن، وجّهت له الحياة ضربة موجعة، حيث أظهر فحص طبي إضافي في أواخر عام 2013 عودة الورم، وشُخّص أتشيربي بسرطان الخصية.
كانت الأشهر الستة التالية مفصلية في قصة فرانشيسكو أتشيربي، حيث خضع اللاعب الإيطالي للعلاج الكيميائي للتعافي من السرطان، وخلال هذه الفترة، حرص المدافع على تقليل غيابه عن التدريبات قدر الإمكان.
في 15 مارس 2014، أعلن أتشيربي عبر صفحته على “فيسبوك” أنه “مستعد للعودة”، مضيفًا: “الآن حانت اللحظة المناسبة، حيث أستطيع استعادة كل ما تركته ورائي.. أفعل ذلك من أجلي ومن أجل عائلتي.. من اليوم، سأغير مساري”.
بعد شهرين كاملين في المستشفى، كان أتشيربي يتعافى بشكل جيد، ولكن غاب اللاعب الإيطالي عن بقية موسم 2013-2014، لكنه بذل جهدًا كبيرًا خلال الصيف لضمان منحه ساسولو فرصة إثبات جدارته بمجرد استئناف الدوري الإيطالي في سبتمبر، وعاد للمشاركة في مباريات مهمة مع الفريق اعتبارًا من 25 أكتوبر.
ظل فرانشيسكو أتشيربي لاعبًا في ساسولو حتى 2018، ثم نتقل إلى لاتسيو ومنه إلى إنتر، وظل يتنقل بين الأخيرين منذ ذلك الحين.
