في مدينة ينبع الساحلية، غربي المملكة، يقف المتحف السعودي رضوى كصرح فريد يجسد شغفًا عميقًا بالتراث الشعبي، حيث حوّل سالم الحجوري، أحد أبرز المهتمين بالموروث، منزله الشخصي إلى نافذة تأخذ زوارها في رحلة عبر عبق الماضي.
وعلى مدار ثلاثة عقود متواصلة، انهمك الحجوري في جمع وتوثيق ما يناهز 100 ألف قطعة أثرية وتراثية، بعضها يعود لمئات السنين، ليقدم بانوراما حية لتاريخ وثقافة منطقة المدينة المنورة وما جاورها. وبدأت رحلة الحجوري مع جمع المقتنيات باهتمام مبكر بالكتب والمجلات والطوابع البريدية، وهو شغف ورثه عن والده، ليتسع نطاق هذا الاهتمام لاحقًا ويشمل كافة جوانب الحياة التقليدية والأدوات الشعبية التي استخدمها الأجداد، مؤسسًا بذلك نواة لمتحفه الذي أصبح اليوم معلمًا بارزًا.
تتوزع مقتنيات متحف “رضوى” الثرية على عدة أجنحة رئيسية، يقدم كل منها جانبًا من جوانب الحياة في المنطقة عبر العصور:
إلى جانب هذه الأقسام الرئيسية، يزخر المتحف بمعروضات فريدة أخرى تزيد من عمق التجربة الثقافية للزائر. فهناك ركن خاص يخلد ذكرى اللقاء التاريخي الهام بين الملك عبد العزيز آل سعود والملك فاروق ملك مصر، والذي كان من بين نتائجه تبلور فكرة إنشاء جامعة الدول العربية. كما يضم المتحف أقسامًا متخصصة للمنسوجات والأزياء التراثية التي تعكس أناقة الماضي، ومجموعة من المحنطات لمختلف الكائنات الحية، بالإضافة إلى قسم يعرض لوحات وأعمالًا فنية تشكيلية. وللمهتمين بالتاريخ العسكري، يعرض المتحف مجموعة من الأسلحة الحربية التي كانت تستخدم قديمًا، مثل البنادق العتيقة، والسيوف، والدروع المزخرفة بالنقوش العربية.
ويكتمل المشهد الثقافي بمكتبة قيمة تحتوي على مخطوطات وكتب وصحف نادرة، بالإضافة إلى نماذج حية لدكاكين تقليدية مثل دكان الصائغ والمزين. كما حرص المتحف على تجسيد تفاصيل البيت الحجازي الأصيل، من خلال عرض نماذج للمجلس التقليدي، والمطبخ بأدواته، وغرفة العروس بتجهيزاتها الفريدة، مما يقدم للزائر لمحة واقعية عن أنماط الحياة في الماضي.