تحولت صخرة عنترة في بلدة قصيباء بالمملكة العربية السعودية إلى مزار يقصده العشاق من أنحاء البلاد، حيث يقال إنها كانت مكان لقاء الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد مع حبيبته عبلة بنت مالك. اليوم، تشهد المنطقة على قصة حب خالدة، وما تزال هذه المواقع تلهم الشعراء والزوار على حد سواء.
تقع صخرة عنترة في مركز غاف الجواء، وهي منطقة تاريخية محورية تقع في شمال محافظة عيون الجواء في منطقة القصيم. صخرة عنترة ليست مجرد صخرة عادية، بل هي رمز لحب جارف جمع بين عنترة وعبلة، وهي المكان الذي كان يلتقي فيه العاشقان. يقال إن عنترة كان يفد إليها يوميًا من مضارب قبيلته ليقابل حبيبته عبلة، في رحلة حب كانت تمتد لأكثر من 50 كيلومترًا يوميًا.
هذه الصخرة التي تقع على مشارف جبال “قو”، التي أصبحت تعرف اليوم باسم “قصيباء”، ورد ذكرها في قصيدة عنترة الشهيرة: “كأن السرايا بين قو وقارة / عصائب طير ينتحين لمشرب”. وقد أصبحت هذه الصخرة اليوم جزءًا من المتاحف المفتوحة، التي تضم أطلال قصر عنترة بن شداد وأبراجًا للحراسة مبنية بالحجارة في أعلى الجبال، والتي كانت تستخدم لمراقبة عيون الماء وبساتين النخيل وطرق قوافل الحج.
إلى جانب صخرة عنترة، تقع “حصاة النصلة” التي تُعد من أبرز المعالم التاريخية في المنطقة. تتميز الحصاة بشكلها المخروطي الذي تشكل بفعل العوامل الجوية والرياح، وقد وُجدت عليها نقوش ثمودية ورسوم صخرية لأشكال حيوانية متنوعة. يقال إن هذه الحصاة كانت تشهد لقاءات عنترة وعبلة، حيث كان عنترة يربط حصانه بالقرب منها قبل أن يلتقي حبيبته.
تعد الحصاة من الشواهد الأثرية المهمة التي تعكس تاريخ المنطقة خلال الفترة من القرنين الثاني قبل الميلاد إلى الأول الميلادي، وقد أظهرت النقوش على الصخور أهمية المنطقة خلال تلك الحقبة. ومن المعروف أن عنترة بن شداد قد ذكر في قصائده هذه المواقع، حيث قال في أحد أبياته: “يا دار عبلة بالجواء تكلمي”.
اليوم، أصبحت المواقع المرتبطة بحياة عنترة بن شداد، مثل صخرة عنترة وحصاة النصلة، من أبرز المعالم السياحية في منطقة القصيم. وتعتبر منطقة “قصيباء” جزءًا من المسار السياحي المعتمد في القصيم، والذي يُعرف بمسار “عنترة بن شداد”. هذا المسار السياحي يبرز الثراء الأدبي والتاريخي الذي تحمله المنطقة ويجمع بين جمال الطبيعة وعمق التاريخ.
ووفقًا للمرشد السياحي صالح الراضي، كانت “قصيباء” غنية بالمياه وتضم العديد من العيون الطبيعية، من أبرزها “عين عبس” التي سميت على اسم القبيلة. ومن خلال هذه العيون، مرت أحداث تاريخية هامة مثل حرب داحس والغبراء التي كانت لها تأثير كبير على حياة عنترة. وتعد المنطقة اليوم وجهة سياحية مميزة لما تقدمه من تجربة ثقافية وتاريخية، تجمع بين الأسطورة والحقيقة.
تظل صخرة عنترة وحصاة النصلة في قصيباء شاهدين على قصة حب خالدة بين عنترة بن شداد وعبلة بنت مالك، وتعدان من أبرز المعالم السياحية في منطقة القصيم. ومع مرور الوقت، أصبح هذا المكان مصدر إلهام للكثيرين، حيث يزور الناس هذه المواقع للاستمتاع بجمالها التاريخي والطبيعي، والتعرف على تاريخ الفارس العربي الأسطوري الذي عاش بين هذه الصخور.