نتفليكس تشتري استوديوهات "وارنر براذرز ديسكفري" بـ 72 مليار دولار

ديسمبر ٥, ٢٠٢٥

شارك المقال

نتفليكس تشتري استوديوهات "وارنر براذرز ديسكفري" بـ 72 مليار دولار

أعلنت شركة نتفليكس، الجمعة، إتمام صفقة استحواذ ضخمة على استوديوهات التلفزيون والسينما التابعة لشركة وارنر براذرز ديسكفري، إضافة إلى وحدتها المتخصصة في خدمات البث، في اتفاق بلغت قيمته نحو 72 مليار دولار، ليمنح عملاق البث الرقمي السيطرة على واحد من أهم الأصول التاريخية في هوليوود وأكثرها تأثيرًا.

وجاء التوصل إلى الاتفاق بعد منافسة شرسة استمرت لأسابيع، تقدمت خلالها عدة شركات بعروض متلاحقة. فقد رفعت عرضها إلى ما يقارب 28 دولارًا للسهم، لتتفوق على العرض المقدم من باراماونت سكاي دانس، فيما كانت وارنر براذرز قد عرضت في وقت سابق شراء كامل أسهم ديسكفري مقابل 24 دولارًا للسهم، بما يشمل شبكات التلفزيون الكبلي التي كانت تخطط لإعادة هيكلتها ضمن كيان فرعي.

ويمثل انتقال ملكية شركة تمتلك حقوق أعمال ضخمة مثل "صراع العروش" و"دي سي كوميكس" و"هاري بوتر" نقطة تحول مهمة في توازن القوى داخل صناعة الترفيه، إذ ستحصل نتفليكس للمرة الأولى على مكتبة واسعة من الامتيازات التجارية الجاهزة، بعدما بنت نفوذها طوال العقد الماضي بالاعتماد على الإنتاج الأصلي دون استحواذات كبيرة.

وقال تيد ساراندوس، الرئيس التنفيذي المشارك لنتفليكس، إن دمج الشركتين “سيساهم في رسم ملامح الجيل القادم من المحتوى العالمي”، مشيرًا إلى أن الرؤية المشتركة تقوم على إنتاج أعمال توسّع حضور المنصتين وتعمّق التنوع الإبداعي.

وشهدت أسهم وارنر براذرز ديسكفري ارتفاعًا بنحو 4.4% إلى 25.6 دولار قبل افتتاح التداول، بينما تراجعت أسهم نتفليكس بنسبة 3%، وانخفض سهم باراماونت 2.2%. وفي الوقت نفسه، أفادت قناة "سي إن بي سي" بأن باراماونت قدمت عرضًا جديدًا بقيمة 30 دولارًا للسهم، إلا أن رويترز لم تتمكن من التأكد من صحة هذا الطرح أو موعد تقديمه.

تدقيق رقابي مشدد متوقع

ووفق محللين، من المرجح أن تخضع الصفقة لفحص دقيق من جهات مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إذ سيؤدي دمج نتفليكس مع كيان يضم HBO Max، الذي يقترب عدد مشتركيه من 130 مليون مستخدم، إلى تعزيز كبير لقوة نتفليكس السوقية داخل قطاع البث. وكانت باراماونت، التي يقودها ديفيد إليسون ويُعرف ارتباطها القوي بدوائر مقربة من إدارة ترامب، قد أبدت اعتراضها على إجراءات البيع، متهمةً نتفليكس بالحصول على معاملة تفضيلية في عملية المزايدة. كما أبدى بعض أعضاء الكونغرس قلقهم من تأثير الصفقة على المستهلكين وعلى استوديوهات هوليوود.

وفي السياق ذاته، ذكرت "سينما يونايتد"، وهي مؤسسة دولية تمثل دور العرض السينمائي، أن الاتفاق يهدد صناعة السينما عالميًا، بينما اعتبر الرئيس التنفيذي السابق لوارنر ميديا، جيسون كيلار، أن بيع الشركة إلى نتفليكس قد يكون “أشد الضربات قسوة على المنافسة في هوليوود”.

ولمحاولة تهدئة هذه المخاوف، أكدت نتفليكس أن شراء أصول وارنر براذرز سيعزز إنتاج المحتوى الأمريكي ويوسع فرص العمل للمبدعين، إضافة إلى توفير عروض وأفلام أكثر للمشتركين. وأبلغت الشركة إدارة وارنر براذرز بأنها ستواصل طرح الأفلام في دور السينما، لتفادي القلق من احتمال تراجع إنتاج الأعمال المخصصة للعرض السينمائي.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن الشركة تعتزم طرح اشتراك مجمع يجمع خدمتها مع HBO Max بتكلفة أقل، في خطوة تستهدف تقوية موقعها التنافسي وتخفيف المخاوف التنظيمية. وقال المحلل باولو بيسكاتوري من شركة "PP Foresight" إن الهيئات الرقابية ستتعمق في دراسة الصفقة “نظرًا لهيمنة نتفليكس على البث الرقمي ولوجود عروض متنافسة من شركات أخرى مثل باراماونت سكاي دانس”.

تفاصيل الصفقة وهيكل العروض

بحسب الاتفاق، يحصل كل مساهم في وارنر براذرز ديسكفري على 23.25 دولار نقدًا، إضافة إلى 4.50 دولار من أسهم نتفليكس عن كل سهم، بما يجعل إجمالي قيمة السهم 27.75 دولارًا، ويعكس قيمة سوقية تقارب 72 مليار دولار، ترتفع إلى 82.7 مليار دولار عند احتساب الديون. وتمثل هذه القيمة زيادة تتجاوز 121% مقارنة بسعر إغلاق سهم وارنر في 10 سبتمبر الماضي، قبل انتشار أولى التقارير التي أشارت إلى احتمال الاستحواذ.

ومن المنتظر إتمام الصفقة بعد فصل وحدة "ديسكفري جلوبال" التابعة لورنر براذرز ديسكفري وتحويلها إلى شركة مدرجة مستقلة، وهي خطوة يتوقع الانتهاء منها خلال الربع الثالث من عام 2026. كما تضمن الاتفاق رسوم فسخ مرتفعة؛ إذ ستدفع نتفليكس 5.8 مليار دولار في حال انهيار الصفقة، بينما ستتحمل وارنر براذرز ديسكفري 2.8 مليار دولار إذا تراجعت عن الالتزام. وتتوقع نتفليكس تحقيق وفورات سنوية تتراوح بين ملياري دولار وثلاثة مليارات بعد ثلاث سنوات من الإغلاق الرسمي للصفقة.

قلق من تباطؤ نمو نتفليكس

ويرى محللون أن اندفاع نتفليكس نحو الصفقة مرتبط برغبتها في امتلاك حقوق حصرية لأعمال شهيرة، وتقليص الاعتماد على شركات إنتاج خارجية مع توسعها في قطاع الألعاب الإلكترونية. كما تبحث الشركة عن محركات نمو جديدة بعد انتهاء حملة مكافحة مشاركة كلمات المرور. وسجل سهم نتفليكس ارتفاعًا بنسبة 16% فقط منذ بداية العام، مقارنة بقفزة تجاوزت 80% في 2024، وهو ما يعكس قلق المستثمرين من تراجع وتيرة نمو الشركة، خاصة بعدما توقفت عن الإعلان عن أعداد المشتركين قبل أشهر.

وتعوّل الشركة على باقة الاشتراك المدعومة بالإعلانات لتعزيز الإيرادات، إلا أن محللين يرون أنها لن تقدم مساهمة ملحوظة قبل العام المقبل. كما يواجه طموح نتفليكس في الألعاب تحديات، بعد تغيرات متتالية في الاستراتيجية وخروج عدد من المسؤولين التنفيذيين. غير أن امتلاك وارنر براذرز قد يمنح نتفليكس دفعة قوية في قطاع الألعاب، خصوصًا أن الشركة تمتلك نجاحات بارزة، أبرزها لعبة "إرث هوجورتس" المندرجة ضمن عالم "هاري بوتر"، والتي تجاوزت إيراداتها مليار دولار.

الأكثر مشاهدة

أحصل على أهم الأخبار مباشرةً في بريدك


logo alelm

© العلم. جميع الحقوق محفوظة

Powered by Trend'Tech