تزايدت مؤخرًا المخاوف بشأن الاتجاهات السكانية العالمية، لدرجة أنها أصبحت محور نقاش بين الخبراء والشخصيات العامة، وعلى رأسهم، رجل الأعمال والملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
في إحدى حلقاته، تناول المعلّق السياسي تيم بول مسألة تراجع معدلات المواليد وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية الواسعة، وجاء رد ماسك عبر منصة X ليؤكد أن "أزمة السكان ليست خطرًا مستقبليًا نترقبه، بل واقعًا نعيشه بالفعل".
شبّه إيلون ماسك الوضع بـ"انحسار الشاطئ" كعلامة إنذار مبكرة، يعقبها "تسونامي" يرمز إلى التأثير العميق المتوقع على الاقتصادات، والمجتمعات، والأسواق العالمية. هذا التبادل أعاد تسليط الضوء على ما قد يترتب عن انخفاض الخصوبة من شيخوخة متسارعة للسكان وتقلّص في حجم القوى العاملة.
فهم هذه التحولات الديموغرافية ضروري، إذ لها تبعات عميقة على النمو الاقتصادي، الأنظمة الاجتماعية، والاستقرار العالمي على المدى الطويل.
ماذا يعني انخفاض معدلات المواليد؟
أظهرت بيانات حديثة من World of Statistics انخفاضًا كبيرًا في معدلات المواليد على مدار العقود السبعة الماضية، مع توقعات بالاتجاهات السكانية حتى عام 2050، يتم قياس معدل المواليد بعدد الأطفال المولودين أحياء لكل 1000 نسمة، وهو ما يوفر صورة واضحة عن نمو السكان، أنماط الخصوبة، والتحولات الديموغرافية العالمية على مر الزمن.
تدعم هذه البيانات المخاوف التي أشار إليها ماسك وتيم بول بشأن انخفاض عدد السكان عالميًا، إذ انخفض المعدل تدريجيًا من 37.8 مولود لكل 1000 نسمة عام 1950 إلى نحو 14.6 متوقعًا بحلول 2050، ما يعكس اتجاهًا هابطًا مستمرًا في مناطق متعددة وفئات سكانية مختلفة.
هذا الانخفاض يبرز التحديات المرتبطة باستدامة القوى العاملة، النمو الاقتصادي، أنظمة الرعاية الاجتماعية، والاستقرار الاجتماعي على المدى الطويل، خصوصًا في المناطق التي تقل فيها معدلات الخصوبة عن الحد التعويضي، وقد يؤثر بشكل كبير على أسواق العمل المستقبلية، الابتكار، والتنافسية الاقتصادية العالمية إذا استمر الوضع دون معالجة.
ماسك يحذّر من انهيار سكاني في دول آسيوية
حذّر إيلون ماسك مرارًا من الانخفاض الحاد في عدد السكان بعدة دول آسيوية، مثل كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة، لكنه يرى أن سنغافورة تحديدًا تواجه الخطر الأكبر بسبب تراجع معدل المواليد فيها. وفي منشور سابق له كتب ماسك: "سنغافورة ستنقرض خلال فترة من الزمن".
ورغم قلقه تجاه كوريا الجنوبية واليابان، فإن تحذيراته بشأنهما كانت أقل حدّة مقارنة بسنغافورة.
وفي منشور حديث، أعاد ماسك تسليط الضوء على القضية، مقتبسًا رسمًا بيانيًا نشره حساب Tesla Owners Silicon Valley بعنوان: "انهيار السكان هو التهديد الأكبر للبشرية… إيلون ماسك".. وقد علّق ماسك عليه بكلمة واحدة: "نعم".
توقعات صادمة
أظهر الرسم البياني الصادر عن Statistica توقعات بانخفاضات ضخمة في عدد السكان بحلول عام 2100:
- انخفاض سكان الهند بنحو 400 مليون نسمة
- تراجع سكان الصين بمقدار 731 مليونًا ليصل إلى 731.9 مليون نسمة
- نيجيريا على الطريق لتتجاوز الصين ديموغرافيًا بنهاية القرن مع ارتفاع كبير في عدد سكانها
تؤكد هذه الأرقام تحذيرات ماسك المتكررة من خطر تراجع المواليد، شيخوخة السكان، والهجرة، وهي العوامل التي يرى أنها قد تؤدي إلى انهيار سكاني شامل. وقد قال سابقًا: "انهيار السكان قادم".
"انهيار السكان خطر أكبر على الحضارة من الاحتباس الحراري"
يؤكد ماسك باستمرار أن تراجع عدد السكان سيترك آثارًا اقتصادية وتكنولوجية خطيرة. وهو يدعو إلى تبنّي سياسات تشجع على زيادة معدلات الولادة، خاصة في المجتمعات المتقدمة التي بدأت تعاني تباطؤًا اقتصاديًا بسبب انخفاض الخصوبة.
وفي عام 2022، صرّح ماسك بأن انهيار السكان يشكل خطرًا أكبر على الحضارة من تغير المناخ، قائلاً: "الانهيار السكاني بسبب انخفاض معدل المواليد خطر أكبر بكثير على الحضارة من الاحتباس الحراري… دون أن يعني ذلك أن الاحتباس الحراري ليس تهديدًا".
العامل الأكبر: تراجع الخصوبة عالميًا
تُظهر البيانات أن معدلات الخصوبة العالمية انخفضت إلى النصف منذ عام 1963، من متوسط 5.3 طفلًا لكل امرأة إلى أقل من 2.5.
العديد من الدول باتت اليوم تحت معدل الإحلال السكاني البالغ 2.1 طفل لكل امرأة، وهو الحد اللازم للمحافظة على استقرار عدد السكان في العالم؛ فعلى سبيل المثال: سجلت إنجلترا وويلز أدنى مستوى تاريخي لمعدل الخصوبة في 2023 عند 1.44 طفل لكل امرأة.
هذا الاتجاه العالمي المستمر يثير قلق الخبراء، بينما يؤكد ماسك أن تجاهله قد يقود إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.













