يحتفل العالم في 28 ديسمبر باليوم العالمي للسينما، تخليدًا لأول عرض سينمائي عام في التاريخ. ففي عام 1895، شهدت باريس أول عرض سينمائي عام في قبو المقهى الكبير.
بداية عصر السينما الحديثة
قدم الأخوان لوميير عشرة أفلام قصيرة، من بينها "وصول قطار إلى محطة لا سيوتات". أثار مشهد القطار رعب الحاضرين ، إذ سارع البعض بالهروب من القاعة اعتقادًا منهم أن القطار سينقض عليهم، لتسجل هذه اللحظة البداية الرسمية لعصر السينما الحديثة.
كانت أفلام الأخوين لوميير قصيرة جدًا، بطول 17 مترًا تقريبًا لكل فيلم، ويُعرض كل منها يدويًا على جهاز العرض لمدة نحو 50 ثانية. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت عروض الأفلام منتظمة، غالبًا بمصاحبة موسيقى البيانو أو الساكسفون، وأحيانًا تُضاف نصوص أسفل الشاشة لشرح المشاهد.
أول فيلم سعودي
ترتبط بدايات السينما في المملكة العربية السعودية بخمسينيات القرن العشرين، حين أُنتج أول فيلم سعودي محلي بعنوان "الذباب" عام 1369هـ/1950م بواسطة شركة أرامكو. وقد ركّز الفيلم، الذي استمر عرضه نحو ثلاثين دقيقة، على التوعية الصحية والمخاطر المتعلقة بالأمراض المنتشرة، ليكون أول عمل سينمائي محلي يتناول قضايا مجتمعية هامة، ويُعد بداية تجربة سعودية جديدة في عالم السينما، فاتحًا صفحة جديدة في تاريخ الفن بالمملكة.
تم إنتاج الفيلم بتعاون مع طاقم سينمائي أمريكي من هوليوود، الذي وصل إلى السعودية خصيصًا لإخراج هذا المشروع، واستغرق تصويره نحو شهرين ونصف. وخلال عملية التصوير، تطلبت بعض المشاهد إعادة تصوير عدة مرات بسبب تفاعلات الحاضرين في كواليس العمل، الذين كانت آلات الكاميرا ومعداتها تبدو لهم غريبة ومدهشة، ما أضاف بعدًا من التحدي للفريق المنتج.
وعند عرض الفيلم في الساحة العامة، تجمع الرجال والنساء من مختلف الأعمار لمشاهدته، وما إن انتهى العرض حتى ارتفعت أصواتهم مطالبة بإعادة المشاهد، ما يعكس مدى الحماس والفضول الكبير الذي أثارته السينما في بداياتها بالمملكة، ويُظهر كيف كان "الذباب" ليس مجرد فيلم قصير، بل حدثًا اجتماعيًا وثقافيًا أثار الاهتمام وأدخل السعوديين إلى عالم السينما لأول مرة.
تم ترجمة فيلم "الذباب" إلى ثماني لغات، وبدأ عرضه في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، ليكون أداة للتوعية الصحية وتشجيع المجتمع على الوقاية من الأمراض المعدية. ويُعد الفيلم أول إنتاج من نوع "ديكودراما" في الخليج، إذ جمع بين التوعية والعناصر الدرامية.
من هو أول ممثل سينمائي سعودي؟
شارك في أول فيلم سعودي "الذباب" حسن الغانم، الذي أصبح أول ممثل سينمائي سعودي، معلنًا بذلك انطلاقة جديدة للتجربة الفنية المحلية وفتح صفحة جديدة في تاريخ السينما بالمملكة.
نشأ الغانم في الظهران والتحق بمدرسة الجبلة الابتدائية، حيث تعلم العربية والإنجليزية، وكانت معرفته باللغتين عاملاً مهمًا في قدرته على التواصل وأداء دوره في الفيلم. كما أتاح له ابتعاث والديه ضمن أول دفعة لشركة أرامكو إلى حلب وبيروت الاطلاع المبكر على السينما والفنون البصرية، ما ساهم في تشكيل رؤيته الفنية.
استمر الطاقم السينمائي الأمريكي في البحث عن ممثل يمتلك القدرة على الأداء والتواصل مع فريق العمل، بالإضافة إلى معرفة عامة تساعده على المشاركة في الفيلم. وبعد استعراض مهاراته، وقع الاختيار على حسن الغانم ليؤدي الدور الرئيسي، واختر لنفسه اسم شخصيته "صالح" تيمنًا بأخيه. وكان لهذا المشروع بعد شخصي أيضًا، إذ فقد الغانم 13 من إخوته بسبب الأمراض، ما أكسبه تجربة عاطفية ومعرفية انعكست في أدائه السينمائي.
واحتفظت عائلة حسن الغانم بنسخة الفيلم، فيما طلبت جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية عرضه كاملاً، ومن المتوقع أن تعرض بعض المتاحف مستقبلاً مقتطفات منه، لتوثيق هذه الفترة اجتماعياً من حيث الوعي الصحي وظروف المعيشة.
تطور السينما السعودية
شهدت السينما السعودية بعد فيلم "الذباب" تطورات مهمة، إذ أُنتج أول فيلم سينمائي طويل حول المملكة عام 1374هـ/1955م بعنوان "جزيرة العرب"، بمشاركة عدد من الممثلين المحليين. ويُعد ظهور أول فيلم سعودي رسمي نقطة بارزة في تاريخ السينما بالمملكة، وذلك عام 1395هـ/1975م بعنوان "تطوير مدينة الرياض" للمخرج السعودي عبدالله المحيسن، الذي شارك بهذا العمل في مهرجان الأفلام التسجيلية بالقاهرة عام 1396هـ/1976م.
بعد ذلك تم إنتاج الفيلم الوثائقي "اغتيال مدينة" عام 1397هـ/1977م، والذي حصل على جائزة نفرتيتي لأفضل فيلم قصير، كما عُرض في مهرجان القاهرة السينمائي نفسه. واستمر غالبية الإنتاج المحلي للأفلام من خلال شركة المحيسن الإنتاجية الخاصة، حتى بداية تسعينيات القرن العشرين، قبل أن يتوقف إنتاج الأفلام الروائية السعودية لفترة طويلة، ليُستأنف مجددًا مع بداية الألفية الثالثة.
اقرأ أيضًا :
أبرز الأفلام المنتظرة في دور السينما السعودية يناير 2026
أفضل أفلام 2025 من اختيارات النقاد
أفلام ومسلسلات Netflix في يناير 2026














