على مدى عقود، استمرت حرب الجواسيس بين دولة الاحتلال الإسرائيلي ودول عربية، وخلالها تمكنت أجهزة المخابرات من كشف معلومات سرية بمساعدة عملاء زرعتهم في وسط الأحداث.
من أشهر الجواسيس الذين عملوا لصالح المخابرات الإسرائيلية، إيلي كوهين، الذي تحل ذكرى ميلاده في 26 ديسمبر، وفي هذا الموضوع، نسلط الضوء على قصة هذا الجاسوس الذي اقترب من المناصب العليا في سوريا.
من هو إيلي كوهين؟
ولد إلياهو بن شاؤول كوهين في الإسكندرية بمصر في 26 ديسمبر عام 1924، لأسرة هاجرت من مدينة حلب السورية إلى مصر.
تلقى كوهين تعليمه في مدارس دينية يهودية، وأجاد العربية والعبرية والفرنسية، ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة القاهرة، لكنه لم يكمل تعليمه.
في شبابه، التحق بالحركة الصهيونية، قبل أن ينضم لشبكة تجسس إسرائيلية في مصر، كان زعيمها ابراهام دار المعروف بجون دارلنغ.
بعد حرب السويس 1957، هاجر نهائيًا من مصر إلى دولة الاحتلال، وعمل مترجمًا صحفيًا من العربية إلى العبرية، ثم جنده جهاز المخابرات الإسرائيلية؛ ليكون عميلًا لهم في سوريا.
رحلة إيلي كوهين مع الموساد انطلق من العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس في عام 1961، وعُرف هناك بأنه سوري مسلم واسمه كامل أمين ثابت، وبنى سمعة جيدة كرجل أعمال ناجح، يتوق للرجوع إلى وطنه.
خلال تواجده في الأرجنتين، تعلم اللغة الإسبانية، بناءً على نصيحة ابراهام، وتعرف على الملحق العسكري السوري أمين الحافظ، الذي تولى رئاسة سوريا فيما بعد، ووطد علاقته به.
كان عام 1962 شاهدًا على انتقال كوهين إلى دمشق، وفيها أنشأ علاقات مع كبار الشخصيات في الجيش السوري والسلطة والمجتمع.
اختار حي أبو رمانة المجاور لمقر قيادة الجيش السوري للإقامة، ومن هناك تمكن من تزويد الموساد بمعلومات بالغة السرية، وفقًا لتقارير.
تقارير أخرى غير مؤكدة، تقول إنه رُشح لتولي منصب نائب وزير الدفاع في سوريا.
ذكر الكاتب الصحفي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، أن المخابرات المصرية هي التي كشفته بعد رصد أحد ضباطها لكوهين ضمن المحيطين بأمين الحافظ في صور خلال تفقده مواقع عسكرية.
لكن الجهات السورية قالت حينها إن أجهزة أمنها هي التي كشفته بمساعدة فنية من جانب روسيا.
بعد 3 سنوات من وجوده في سوريا، كُشفت هوية إيلي كوهين، بعد مراقبة المخابرات السورية، وصدر حكم بإعدامه شنقًا في ساحة المرجة في دمشق في 18 مايو عام 1965.
آخر برقية لإيلي كوهين
أفصح جهاز الموساد، في 12 ديسمبر 2022، عن آخر برقية أرسلها الجاسوس إيلي كوهين قبل اعتقاله من قبل السوريين في فبراير 1965.
البرقية المكتوبة باللغة الفرنسية كانت تقول: “الاجتماع في المقر الرئيسي لهيئة الأركان الليلة الماضية في الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش مع أمين الحافظ وكبار الضباط”.
رفات إيلي كوهين
طوال سنوات، ظلت إسرائيل تطالب برفات إيلي كوهين من أجل دفنه في الأراضي المحتلة، لكنها قوبلت بالرفض؛ بسبب عدم المعرفة بمكان الدفن.
وفي صيف 2018، استعاد الكيان الصهيوني ساعة اليد الخاصة بالجاسوس كوهين، وقال الموساد إنه تمكن من ذلك بفضل “عملية خاصّة نفّذها الموساد في دولة عدوّة”.
وأكد مدير الاستخبارات الإسرائيلية ديفيد بارنيا أن “الموساد سيواصل الكشف عن معلومات وتفاصيل جديدة حول فترة خدمة إيلي كوهين في سوريا وسيواصل جهوده لإعادة رفاته من أجل دفنه في إسرائيل”.
في ذكرى ميلاده.. قصة أخطر عملية تجسس لرفعت الجمال من قلب إسرائيل
كاد أن يصبح وزيرًا لدفاع سوريا.. من هو الجاسوس إيلي كوهين؟
ما الدور الذي لعبه “جواسيس بريطانيا” في الحرب الروسية الأوكرانية؟