سياسة

اتفاق تاريخي.. «قسد» تندمج في مؤسسات الدولة السورية لإنهاء الانقسام

 

وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» مظلوم عبدي، اتفاقًا يقضي بدمج القوات الكردية في مؤسسات الدولة، في خطوة تهدف إلى تعزيز وحدة البلاد وإنهاء حالة الانقسام العسكري والإداري في شمال شرق سوريا.

ويتضمن الاتفاق، الذي أُعلن عنه، مساء اليوم الاثنين، عبر بيان للرئاسة السورية، وقفًا كاملًا لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، كما ينص على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية في مناطق سيطرة «قسد» ضمن إدارة الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية، والمطارات وحقول النفط والغاز.

كذلك يضمن الاتفاق مشاركة جميع السوريين في العملية السياسية بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن الخلفية العرقية أو الدينية، مع تأكيد حقوق المجتمع الكردي كمكون أصيل في الدولة السورية. وتعمل لجان تنفيذية على تطبيق الاتفاق قبل نهاية العام الحالي.

ما أهمية الاتفاق؟ 

يُعد هذا الاتفاق تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي والعسكري السوري، إذ ينهي سنوات من الانقسام بين الدولة السورية و«قسد»، التي دعمتها الولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش.

ويأتي هذا في ظل تحولات سياسية كبرى في سوريا، عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد وتولي الشرع الرئاسة، مما أتاح إمكانية إعادة توحيد البلاد تحت سلطة مركزية واحدة.

كما يُشكل الاتفاق خطوة نحو تعزيز الاستقرار في شمال وشرق سوريا، خاصة بعد تصاعد الاشتباكات مؤخرًا بين «قسد» وفصائل مدعومة من تركيا، مما زاد من مخاوف تفكك البلاد.

وبتوحيد المؤسسات العسكرية والإدارية، تسعى دمشق إلى استعادة سيطرتها على الثروات الطبيعية، لا سيما النفط والغاز، اللذين يشكلان موارد حيوية لاقتصاد البلاد.

ما موقف الأطراف الإقليمية والدولية؟ 

رحبت قطر بالاتفاق، واعتبرته «خطوة مهمة نحو توطيد السلم الأهلي وتعزيز الأمن والاستقرار».

وقالت وزارة الخارجية القطرية إن «استقرار سوريا يتطلب احتكار الدولة للسلاح في جيش وطني موحد»، في إشارة إلى ضرورة إنهاء الانقسامات العسكرية داخل البلاد.

أما تركيا، التي تصنّف وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لـ«قسد»، كامتداد لحزب العمال الكردستاني، فلم تعلّق رسميًا على الاتفاق حتى الآن. لكن مراقبين يرون أن أنقرة قد تتحرك دبلوماسيًا وعسكريًا لضمان عدم نشوء كيان كردي مستقل في سوريا، وهو ما كانت تعارضه بشدة منذ بداية النزاع.

ماذا يعني هذا الاتفاق لمستقبل سوريا؟

يُعدّ الاتفاق خطوة أساسية نحو إعادة هيكلة المشهد الأمني والسياسي في سوريا، إذ إنه يمنح الدولة السورية سيطرة مباشرة على المعابر والموارد الاستراتيجية، ويمهد لمرحلة من المصالحة الوطنية. كما أنه يفتح الباب أمام عودة المهجّرين إلى ديارهم، مع ضمان الدولة لحمايتهم وإدماجهم في المجتمع.

على المستوى العسكري، يُلزم الاتفاق «قسد» بدعم الحكومة السورية في مواجهة ما وصف بـ«فلول الأسد» وأي تهديدات تمس وحدة البلاد. ويُنتظر أن تسهم هذه الخطوة في تقليل التوترات المسلحة في المنطقة، خاصة بعد سنوات من المواجهات بين الفصائل المختلفة.

ما التحديات المحتملة أمام تنفيذ الاتفاق؟

رغم التوقيع على الاتفاق، ما تزال هناك عقبات عدة أمام تنفيذه بالكامل، أبرزها مدى التزام جميع الأطراف ببنوده، خاصة مع وجود مجموعات داخل «قسد» كانت ترفض الاندماج الكامل في الجيش السوري. كما أن موقف الولايات المتحدة، التي دعمت «قسد» عسكريًا وسياسيًا لسنوات، لا يزال غير واضح، وقد يؤثر على تطبيق الاتفاق إذا قررت واشنطن فرض شروط أو قيود على الاندماج.

كذلك، قد يشكّل الموقف التركي عائقًا، خاصة إذا اعتبرت أن الاتفاق يمنح الأكراد نفوذًا أكبر داخل الدولة السورية. كما أن استعادة السيطرة على الموارد النفطية ستواجه تحديات إدارية واقتصادية، نظرًا لسنوات من الإدارة الذاتية التي فرضتها «قسد» في هذه المناطق.

اقرأ أيضًا:

الرئيس السوري يشكل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي وسط تصاعد التوترات في الساحل

هل لعب حزب الله دورًا في أحداث العنف داخل سوريا؟
48 ساعة ساخنة في سوريا.. قتلى وجرحى وحظر تجوال