رحل عن عالمنا اليوم المخرج الأمريكي، ديفيد لينش، والذي أثرى السينما الأمريكية برؤيته في الأفلام السريالية، عن عمر يناهز 78 عامًا، ولا توجد معلومات محددة حول سبب وفاته حتى الآن.
وأعلنت عائلة لينش خبر وفاته في منشور عبر حسابه الرسمي على موقع فيسبوك، دون التطرق لمزيد من التفاصيل، مناشدة الجماهير بمنحه القليل من الخصوصية في هذه الظروف. ولكن لينش كان يعاني من انتفاخ الرئة والذي تم تشخيصه به العام الماضي. وقالت عائلة لينش: “لقد أصبح العالم الآن في حالة من الفراغ الشديد بعد رحيله عنا”.
من هو المخرج ديفيد لينش؟
وُلِد ديفيد كيث لينش في 20 يناير 1946 في ميسولا، مونتانا، في الولايات المتحدة، وتركزت أحلامه حول الفن وتحديدًا الرسم وكان يطمح لأن يكون رسامًا خلال سنواته الأولى. وبعد إتمام دراسته في المرحلة الثانوية التحق بمدرسة متحف الفنون الجميلة في بوسطن.
وكانت بداية لينش مع الأفلام في أكاديمية بنسلفانيا للفنون الجميلة التي استكمل دراسته بها، وهناك أنتج فيلمه الأول وهو فيلم رسوم متحركة مدته 60 ثانية بعنوان “ستة رجال يصابون بالمرض”. وبحلول سبعينيات القرن الماضي، التحق لينش بمعهد الفيلم الأمريكي في لوس أنجلوس. وخلال هذه الفترة كانت هوليوود تحتضن الثقافة المضادة والتي انشرت منذ الستينيات. وفي المعهد، كانت بداية لينش الحقيقية، إذ عمل على أول مشروع سينمائي طويل خاص به بالأبيض والأسود وهو “Eraserhead”، والذي تدور قصته حول رجل يعاني من الاضطراب يجد نفسه مضطرًا لرعاية طفل مشوه في إحدى المدن الصناعية النائية. ولعب دور البطولة في الفيلم جاك نانس.
وبمجرد عرض الفيلم في دور السينما في مارس 1977، تباينت آراء الجماهير حوله، إذ وصفه البعض بالمقزز، فيما وصفه البعض الآخر بأنه مستقل ورائد. بعد ذلك بدأ ديفيد لينش في مشروعه لثاني وهو فيلم “الرجل الفيل” وهي قصة مستوحاة من السيرة الذاتية لفنان بريطاني يُدعى جوزيف ميرك، والذي كان يعاني من التشوه الجسدي ويقدم عروضًا غريبة في لندن.
وتمكن الرجل الفيل من تحقيق نجاح تجاري جيد، وأبدى النقاد إعجابهم بالعمل، وقدم لينش بصورة جعلت الجماهير تتأكد من موهبته الاستثنائية في صناعة أحاسيس فنية متمردة ومثيرة للاهتمام. وظل لينش يُثري مسيرته الإبداعية طول العقود التالية بأفلام تتحدى التقاليد، حتى فاجأ الجميع بإخراج فيلم “The Straight Story” في أوائل القرن الـ21، وهو فيلم عائلي يدور حول عائلة تقوم برحلة برية وأنتجته ديزني في عام 1999.
ولم تقتصر مسيرة المخرج الأمريكي ديفيد لينش على الإخراج فقط، بل لعب بعض الأدوار الصغيرة في أفلامه، وعلى الرغم من ترشحه لجائزة الأوسكار أكثر من مرة عن فيله الرجل الفيل والمخمل الأزرق، إلا أنه لم يفز بها قط، ولكنه حصل على جائزة الأوسكار الفخرية في عام 2019 عن مجمل أعماله التي كانت ضمن مسيرة أكثر من نصف قرن. وفي مقابل ذلك حصل لينش على عدة جوائز أخرى منها السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1990 عن فيلم Wild at Heart، وأفضل مخرج في مهرجان كان عن فيلم “Mulholland Drive” في عام 2001، وتقاسم الجائزة مع جويل وإيثان كوين عن فيلم “The Man Who Wasn’t There”.
وبعيدًا عن السينما كان لـ لينش عدة هوايات أخرى ومنها تسجيل الموسيقى التجريبية والرسم وكتابة الكتب، كما أخرج إعلانات تجارية، كما أسس مؤسسة خيرية تهدف لتعليم الطلاب فوائد التأمل تحت اسم “مؤسسة ديفيد لينش”.
اقرأ أيضًا: من جزر فيرجين إلى جرينلاند.. أين ينتهي الطموح الأمريكي؟