في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل كوريا الجنوبية وخارجها، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في خطاب متلفز حالة الطوارئ والأحكام العرفية، متهمًا حزب المعارضة الرئيسي بالتحريض ضد الدولة والتعاطف مع كوريا الشمالية.
جاءت هذه التصريحات وسط أجواء متوترة، حيث شهد البرلمان الكوري أحداثًا درامية استقطبت اهتمام وسائل الإعلام العالمية.
إعلان الأحكام العرفية.. الأسباب والدوافع
في خطاب بثه التلفزيون الوطني مساءً، اتهم يون حزب المعارضة الديمقراطي بالقيام بأنشطة معادية للدولة، مشيرًا إلى اقتراحهم بعزل كبار المدعين العامين ورفض ميزانية الحكومة.
وقال يون: “من أجل حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية في كوريا الشمالية، أعلن هنا حالة الطوارئ والأحكام العرفية”.
هذا التصعيد السياسي يأتي على خلفية توترات طويلة بين الحزب الديمقراطي المعارض والحكومة الحالية.
يُذكر أن الحزب الديمقراطي يتمتع بأغلبية برلمانية، ما يضع قيودًا على سياسات الرئيس.
اشتباكات داخل البرلمان وخارجه
شهد البرلمان الكوري الجنوبي حالة من الفوضى، حيث حاول الجنود دخول القاعة الرئيسية للجمعية الوطنية في سيول. ووفقًا لوكالة “رويترز”، انتقل أعضاء البرلمان التابعون للحزب الديمقراطي بقيادة لي جاي ميونج إلى الجمعية الوطنية لمحاولة منع تنفيذ مرسوم الأحكام العرفية.
من جانبه، أدان هان دونج هون، وزير العدل السابق ورئيس الحزب السياسي للرئيس، هذه الخطوة، معتبرًا أنها “خاطئة” وتعهد بالعمل مع المشرعين المنافسين لإلغائها.
تصويت برلماني ضد المرسوم
في تطور سريع، صوت البرلمان بأغلبية ساحقة ضد مرسوم الأحكام العرفية، حيث صوت 190 نائبًا لصالح إلغائه. ومع ذلك، يظل الغموض يحيط بمستقبل المرسوم، حيث ينص القانون الكوري الجنوبي على ضرورة امتثال الرئيس لنتائج التصويت البرلماني.
إدارة بايدن تتواصل مع حكومة كوريا الجنوبية
قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن إدارة الرئيس جو بايدن على اتصال بحكومة كوريا الجنوبية، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، بعد أن أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول الأحكام العرفية اليوم الثلاثاء.
وأكد المتحدث أن إدارة الرئيس جو بايد تراقب الوضع عن كثب.
ردود فعل الشارع الكوري
تسبب إعلان الأحكام العرفية في حالة من الذعر بين المواطنين في سيول، حيث أفادت تقارير إعلامية باندفاع السكان لزيارة عائلاتهم.
وقال مراسل شبكة CNN مايك فاليريو: “الشوارع مليئة بأشخاص يركضون إلى منازل عائلاتهم، في محاولة لفهم الوضع والتصرف في ظل هذه الظروف غير المسبوقة”.
كما أشارت التقارير إلى قيام سلطات إنفاذ القانون بتحذير المواطنين من إمكانية اعتقالهم دون أوامر قضائية.
أبعاد تاريخية وسياسية
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية يُعد الأول منذ حقبة الديكتاتورية العسكرية في الثمانينيات.
ويثير القرار تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في البلاد، خاصة مع انقسام الآراء حول الرئيس يون الذي انتُخب بفارق ضئيل في عام 2022.
ملامح سياسة الرئيس يون سوك يول
يون سوك يول، القادم من خلفية قانونية كمدعٍ عام، تبنى سياسات متشددة تجاه كوريا الشمالية، مفضلًا تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة.
وخلال حملته الانتخابية، أشار إلى أهمية مواجهة الشيوعية ودعم العلاقات الوثيقة مع واشنطن، مؤكدًا أن تحالف البلدين بُني على “حماية الحرية ضد الطغيان”.
وعلى الصعيد الداخلي، يواجه يون تحديات كبيرة، بما في ذلك الاستقطاب السياسي، الفساد، ومعالجة الفجوة بين الجنسين.
كما يعاني المجتمع الكوري من تداعيات جائحة كوفيد-19 وارتفاع تكاليف المعيشة، وهو ما زاد من التوترات بين الحكومة والمعارضة.
المصدر: