سياسة

ماسك وترامب في مواجهة الاحتياطي الفيدرالي.. هل نقترب من نهاية البنك المركزي الأمريكي؟

إيلون ماسك وترامب

تحتل مسألة السيطرة على الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة مكانة متزايدة في النقاش السياسي بعد فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بولاية ثانية، وبعد أن كان الحديث يدور في السابق حول كيفية عمل البنك المركزي في ظل رئاسة ترامب، صار السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه حاليًا هو هل سيستمر البنك في عمله أصلًا تحت إدارة ترامب؟

ويظهر إيلون ماسك، أحد أبرز الداعمين لترامب، الذي يُتوقع أن يكون له تأثير كبير في تشكيل سياسات الرئيس، دعمه لمقترح يقضي بإلغاء الاحتياطي الفيدرالي من خلال إعادة نشر تغريدة للسيناتور الجمهوري عن ولاية يوتا، مايك لي، الذي دعا إلى إنهاء عمل الاحتياطي الفيدرالي، وعلق ماسك على التغريدة باستخدام رمز «100»، الذي يعبر عن تأييده الكامل لهذا المقترح.

والاحتياطي الفيدرالي هو البنك المركزي للولايات المتحدة، وتم تأسيسه في عام 1913 ليدير السياسة النقدية عن طريق التحكم بأسعار الفائدة وعرض النقود لضمان استقرار الأسعار ودعم التوظيف الكامل، كما يشرف على البنوك والمؤسسات المالية لضمان استقرار النظام المالي وحمايته من الأزمات.

وكان لي قال في تغريدته على «إكس»، إنه «يجب أن يكون الفرع التنفيذي تحت إشراف الرئيس مباشرة». وأضاف أن «الاحتياطي الفيدرالي هو أحد الأمثلة العديدة على كيفية انحرافنا عن الدستور في هذا الصدد». ودعا لي إلى ضرورة إلغاء الاحتياطي الفيدرالي قائلًا: «هذه إحدى الأسباب التي تدفعنا إلى #إنهاء_الاحتياطي_الفيدرالي».

وعندما سُئلت المتحدثة باسم فريق الانتقال للرئيس ترامب، كارولين ليفيت، عن موقف ترامب من هذا الموضوع، قالت إن السياسات لن تعتبر رسمية إلا إذا صدرت عن ترامب نفسه، وهذا يشير إلى أن موقف ترامب من فكرة إلغاء الاحتياطي الفيدرالي لم يتم تحديده بشكل علني بعد، على الرغم من أن هذا الاقتراح لا يعد جديدًا، حيث سبق وأن طرحه لنائب السابق رون بول في كتابه الصادر عام 2009 بعنوان «نهاية الاحتياطي الفيدرالي».

وفي يونيو الماضي، قدم النائبان الجمهوريان توماس ماسي من ولاية كنتاكي ومايك لي مشروع قانون يهدف إلى إلغاء البنك المركزي ونقل مسؤولياته إلى وزارة الخزانة، غير أن ترامب لم يُعلن حتى الآن عن دعمه العلني لذلك التوجه. ومع ذلك، فإن عبر في حملته الانتخابية عن رغبة في تغيير سياسات الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك تعديل آلية تحديد أسعار الفائدة، وهو ما أثار قلق العديد من الاقتصاديين.

تحدي استقلالية الاحتياطي الفيدرالي

منذ أكثر من 70 عامًا، كانت مهمة الاحتياطي الفيدرالي تحديد أسعار الفائدة بما يتماشى مع مهمته الدستورية في الحفاظ على استقرار الأسعار والحد الأقصى من التوظيف، وعلى الرغم من أن هذه القرارات قد لا تكون دائمًا شعبية، فإن استقلالية البنك المركزي جعلته قادرًا على اتخاذ قرارات قد تكون مؤلمة في المدى القصير لكنها تصب في صالح الاقتصاد الوطني على المدى الطويل.

على سبيل المثال، في الفترة الأخيرة، رفض المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي الضغوط التي كانت تدعو إلى خفض أسعار الفائدة، حيث تم الإبقاء عليها عند مستويات مرتفعة لأكثر من عام بهدف مكافحة التضخم، ولم يتم تخفيض الفائدة إلا عندما بدأت معدلات التضخم في التراجع إلى ما دون الهدف الذي حدده الاحتياطي الفيدرالي والبالغ 2%.

وعلى الرغم من ذلك، فإن ترامب ألمح في حملته الانتخابية إلى أنه قد يطلب من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التشاور معه قبل اتخاذ قرارات بشأن أسعار الفائدة، وهو ما قد يؤدي إلى ضغوط على هؤلاء المسؤولين للإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة، بما قد يساهم في إشعال التضخم مرة أخرى.

الصراع حول صلاحيات ترامب

في ولايته الأولى، هدد ترامب مرارًا بإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي اتهمه أحيانًا بالحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة للغاية. لكن يبقى السؤال حول ما إذا كان لترامب السلطة القانونية لتغيير استقلالية الاحتياطي الفيدرالي أو لإقالة باول قبل انتهاء فترة ولايته.

وفي هذا السياق، قال باول في أحد مؤتمراته الصحفية الأخيرة، إن الرئيس لا يملك السلطة لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي إلا في حال وجود «سبب مشروع»، وهو تفسير لم يُحدد بشكل دقيق لكن من المرجح أن يتجاوز مجرد الاختلاف في الرؤى السياسية بين الرئيس ورئيس البنك المركزي.

قدرة الاحتياطي الفيدرالي على البقاء

إذا كانت هناك فرصة لاختبار قدرة الاحتياطي الفيدرالي على الحفاظ على استقلاله، فقد تكون في عام 2025. بينما لا تزال السيطرة على مجلس النواب غير محسومة، فإن الجمهوريين يسيطرون على مجلس الشيوخ، وقد تم تعيين ستة من تسعة قضاة في المحكمة العليا من قبل رؤساء جمهوريين، نصفهم على الأقل تم تعيينهم خلال ولاية ترامب.

رغم ذلك لا يمكن توقع أن تدعم المحكمة العليا بالضرورة أي محاولة لتقليص استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، حيث قضت في وقت سابق من هذا العام بعدم دستورية مطالبة العديد من النواب الجمهوريين بحل مكتب حماية المستهلك المالي.

لذلك يبقى مصير الاحتياطي الفيدرالي في عهد ترامب غير واضح، وسط دعوات لإلغاء البنك المركزي الأمريكي أو تعديل صلاحياته، ويبقى هذا الموضوع محل نقاش حاد بين مختلف الأطراف السياسية والاقتصادية، ومن المرجح أن تتضح معالمه أكثر مع تقدم فترته الرئاسية الثانية.