يعتبر فيروس شلل الأطفال من الفيروسات الخطيرة والفتاكة فقد أرعب العالم خلال القرن الماضي، ولكنه كاد أن ينتهي بفضل التطعيمات التي توصل لها العلماء، ولكن حدث مؤخرًا شيء غير متوقع، فقبل أيام قليلة أعلنت ولاية نيويورك حالة الطوارئ إثر ظهور حالات إصابة بالفيروس المسبب لشلل الأطفال وتوفر أدلة على أن الفيروس ينتشر في جميع أنحاء الولاية.
ولم يقتصر الأمر على نيويورك، ولكن عثرت السلطات البريطانية في يوليو الماضي، على الفيروس في عدد من عينات أخذت من مياه الصرف الصحي في لندن.
فما الذي نعرفه عن مرض شلل الأطفال؟ وما المناطق التي ظهر فيها الفيروس حتى الآن؟
ما هو مرض شلل الأطفال؟
شلل الأطفال مرض معد، وغالبًا ما يصيب الصغار، كما يمكن لأي شخص بأي عمر أن يلتقط العدوى، وقد لا تظهر أية أعراض، ويمكن له أن يتسبب بالشلل، وقد تصل مضاعفاته حتى الوفاة، هذا المرض الخطير لا علاج له، ولكن اللقاح بنوعيه قادر على توفير الحماية منه.
منذ منتصف الثمانينيات توافق العالم على ضرورة القضاء على هذا المرض نهائيًا، ففي عام 1988 كان المرض منتشر بشدة في معظم أنحاء العالم، ولكن اليوم وبعد الجهود العالمية وحملات التلقيح تضاءل انتشاره بشكل ملحوظ، ويكاد يكون قد اختفى.
ما الذي حدث هذا العام؟
يعتبر فيروس شلل الأطفال ن أقدم الفيروسات تواجدًا، إذ يعود تاريخ ظهوره لتاريخ نشأة البشرية، حيث أظهرت إحدى اللوحات الفرعونية القديمة، كاهنًا يمسك عصا وساقه عليها تشوهات شبيهة بما يسببه مرض شلل الأطفال.
من جانبها قالت “فيليبا روكسبي”، مراسلة “بي بي سي”، لشؤون الصحة، إن الفيروس المسبب لشلل الأطفال تم العثور عليه قبل عدة أشهر في مياه الصرف الصحي، وفي أجزاء محددة من لندن ويعتقد أن سببها سفر الأشخاص من أنحاء مختلفة من العالم.
العثور على الفيروس أصاب العلماء بالقلق، خاصة أنهم لم يروا أي أثر لهذا الفيروس في لندن منذ زمن، والغريب أنه رغم العثور على الفيروس، لم تسجل لندن أي حالات إصابة بالفيروس.
الجميع يعلم أن الوقاية من فيروس شلل الأطفال، تتطلب الحصول على اللقاح، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن اللقاح له نوعان، الأول يتم إعطاؤه على شكل قطرات فموية، أما الثاني فيتم إعطاؤه عن طريق الحقن.
النوع الأول أي النقط الفموية حقق نجاحًا هائلًا، خاصة أنه سهل الاستخدام وآمن، كما يوفر الحماية من شلل الأطفال مدى الحياة، ولأن هذا اللقاح يحتوي على الفيروس المضعف يمكن أن يفرز من الجسم إلى البيئة عن طريق البراز، وفي حالات نادرة عندما يجد هذا الشكل من أشكال الفيروس، أشخاصًا لم يتلقوا اللقاح يمكن أن ينتقل لهم، ومن ثم يتحور إلى ما يعرف بشلل الأطفال المشتق من اللقاح.
ماذا عن الوضع في الدول العربية
يقول “أوليفر كريستيان” المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، إن الفيروس الناجم عن اللقاح قد ظهر بالفعل في منطقة الشرق الأوسط هذا العام، وتحديدًا في كل من شمالي اليمن، وجنوب ولاية وسط الصومال.
وأوضح “كريستيان”، أن الفيروس كان قد ظهر في بعض المناطق العربية خلال السنوات الماضية، حيث ظهر في سوريا عام 2013، وفي السودان عام 2020، ولكن الجهود الحكومية بالتعاون مع المنظمات الدولية نجحت في القضاء عليه في كلتا البلدين.
وأكد المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، أن الأمر خطير بالفعل إذ يقلق العلماء بمجرد ظهور هذا الفيروس في أي مكان، فالفيروس موجود حاليًا في اليمن وينتقل، ولديه القدرة على شلل الأطفال وقد تسبب بذلك بالفعل، ونفس الأمر في ولاية وسط الصومال.
وأشار “أوليفر كريستيان”، إلى أن الخبر الجيد هو أن العلم يملك الآن كافة الأدوات اللازمة لوقف هذا التفشي للفيروس.
هل سيختفي الفيروس؟
وتابع “كريستيان”: ” ليس هناك سبب طبي وراء استمرار مرض شلل الأطفال، الأمر كله مرتبط بالوضع السياسي والإقليمي والاجتماعي والثقافي، فلمرض غالبًا ما يضرب المجتمعات الأكثر تهميشًا، لذلك فإن نجاح باكستان في خفض عدد الإصابات من 35 ألفًا إلى 15 شخصًا فقط رغم كل ما تمر به البلاد يعتبر إنجازًا عظيمًا.
ولفت إلى أن كل ما أثبتته اليمن ولندن، هو أنه لا يوجد بلد محصن من شلل الأطفال، فالفيروس يمكن أن يظهر في أي مكان.