ملفات شائكة وأزمات عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي، تنتظر الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الذي تولى منصبه الثلاثاء، آخرها ما بتعلق بالأزمة الدولية الخاصة بأمن الملاحة البحرية، في أعقاب استهداف ناقلة النفط الإسرائيلية أمام سواحل سلطنة عمان.
ويواجه الرئيس الإيراني الجديد، إلى جانب تلك الأزمة، معالجة اقتصاد مُثقل بالأعباء، والأزمات الاجتماعية التي أسفرت عن احتجاجات واسعة في منطفة الأحواز، فضلاً عن العقوبات الأمرركية، ومباحثات فيينا الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي.
أزمة دولية جديدة
فور توليه السلطة، ربما يجد رئيسي نفسه في مواجهة أزمة دولية جديدة بعد أن اتهمت إسرائيل، طهران، بالتورط في هجوم بطائرة مسيرة، ليل الخميس، على ناقلة النفط “ميرسر ستريت”، التي تديرها شركة مملوكة لملياردير إسرائيلي، قبالة سواحل عمان، ما أسفر عن مقتل اثنين من طاقمها.
وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، قال، الأحد، إنه “من المرجح للغاية أن تكون إيران هي مَن نفذت الهجوم”، واعتبر الحادث “يمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي”، فيما تنفي طهران تورطها في الهجوم.
تراجع ثقة الشعب
صحيفة ” فاينانشال تايمز”، قالت إن رئيسي، فاز في الانتخابات التي أجريت في يونيو الماضي، وشهدت أقل نسبة مشاركة منذ الثورة الإيرانية، أي منذ عام 1979.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد الانتخابات، أقر رئيسي بأن “ثقة الشعب في النخبة السياسية في البلاد باتت مشوهة”، لكنه رأى في نفس الوقت أن “المسؤول عن خيبة الأمل هذه هو الرئيس الإصلاحي المنتهية ولايته حسن روحاني”.
الأزمة الاقتصادية
معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العائدة بشكل أساسي للعقوبات، والتي زادت تبعاتها بعد جائحة كورونا، ستكون المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع في انتخابات 2021، كما في 2017 حين خسر أمام روحاني، شعارَي “الدفاع عن الطبقات المهمّشة”، و”مكافحة الفساد”.
ووفقاً لـ”فاينانشال تايمز” فإنه مع وقوع إيران في قبضة أسوأ موجة جفاف شهدتها البلاد منذ عقود، فضلاً عن أزمة انقطاع الكهرباء التي تضرب الاقتصاد الممزق بالفعل بسبب ارتفاع معدلات التضخم والعقوبات وتداعيات وباء كورونا، يشكك محللون في إمكانية حدوث تحسن سريع في البلاد، بالنظر إلى تطعيم 3% فقط من الإيرانيين بشكل كامل ضد كورونا.
ونقلت الصحيفة عن المحلل الإيراني سعيد ليلاز قوله: “تمر البلاد بوقت متوتر للغاية، وعلى رئيسي اتخاذ قرارات سريعة وجادة بشأن بعض القضايا الملحة مثل التضخم والتطعيم ضد كورونا، لكسب الوقت حتى يتم اتخاذ قرار بشأن الاتفاق النووي والعقوبات”.
[two-column]
جاءت أزمة ناقلة النفط الإسرائيلية التي تتهم عدة دول إيران باستهدافها، لتُضاف إلى ملفات شائكة وأزمات عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي يواجهها الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي
[/two-column]
وتتمثل إحدى التحديات الأكثر إلحاحاً أمام رئيسي، في تهدئة التوتر بمحافظة خوزستان الجنوبية الغربية، التي تضم أكبر احتياطيات النفط والغاز في إيران، وفقاً للصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أنه لم يتم استهداف الرئيس الجديد من قبل المحتجين حتى الآن، إلا أنهم يهتفون بشعارات مناهضة للنظام.
وشهدت إيران خلال الأعوام الماضية، لا سيما شتاء 2017-2018، ونوفمبر 2019، احتجاجات لأسباب اقتصادية، اعتمدت السلطات الشدة في التعامل معها.
وشهدت محافظة خوزستان (جنوب غرب) في يوليو الماضي، احتجاجات بسبب شح المياه، وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات لأسباب منها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.
الاتفاق النووي والعقوبات
رئيسي سيتولى منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أميركية غير مباشرة، مباحثات لإحياء الاتفاق النووي من خلال تسوية ترفع العقوبات الأميركية وتعيد واشنطن إليه، مقابل عودة إيران للالتزام تعهداتها النووية التي تراجعت تدريجياً عن تنفيذها بعد عام من انسحاب واشنطن.
كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن الذي تولى مهامه خلفاً لدونالد ترمب مطلع 2021، أبدى استعداده للعودة الى الاتفاق.
وأجريت 6 جولات مباحثات في العاصمة النمساوية فيينا بين أبريل ويونيو الماضيين، دون تحديد موعد جديد، وسط تأكيد مسؤولين إيرانيين، أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه.
وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، لكن بنوده باتت شبه لاغية منذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده بشكل أحادي منه في عام 2018، وأعاد فرض عقوبات على طهران، انعكست سلباً على اقتصادها.