يشهد العالم سباقًا محمومًا لتعزيز دفاعاته الرقمية، في وقت يتزايد فيه الإدراك بأن الأمن السيبراني لم يعد مجرد قضية تقنية، بل أصبح ركيزة أساسية للاستقرار الاقتصادي والأمن القومي.
وظهرت هذه اليقظة في ظل اقتصاد عالمي موازٍ للجرائم الإلكترونية، من المتوقع أن تصل تكلفته السنوية إلى 10.5 تريليون دولار بنهاية عام 2025، مما يجعله ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.
وينعكس هذا الواقع بشكل مباشر على السعودية، التي تحولت بسرعة إلى مركز إقليمي حيوي في هذا المجال، حيث تسعى قطاعاتها الحيوية كالنفط والغاز والقطاع المالي والرعاية الصحية إلى حماية بصمتها الرقمية من التهديدات المتطورة، مما يضع الأمن السيبراني على رأس أولوياتها الاستراتيجية.
تتوقع مؤسسة “غارتنر” للأبحاث أن يصل الإنفاق العالمي للمستخدمين النهائيين على أمن المعلومات إلى 212 مليار دولار في عام 2025، بزيادة حادة تبلغ 15.1% عن عام 2024.
وتأتي هذه الزيادة كاستجابة حتمية لمشهد تهديدات يتطور بسرعة، مدفوعًا بعوامل مثل سباق الذكاء الاصطناعي، وتسارع وتيرة الهجرة إلى السحابة الإلكترونية، والنقص الحاد في المواهب المتخصصة.
ويُظهر تحليل الإنفاق العالمي أن الاستثمار في الأمن السيبراني أصبح أولوية قصوى للدول الكبرى، حيث تهيمن الولايات المتحدة على المشهد بأكثر من 40% من إجمالي السوق، مدفوعة بأعلى متوسط تكلفة لاختراق البيانات في العالم، والذي يتجاوز 9.4 مليون دولار لكل حادثة.
وفي المقابل، تُظهر دول أخرى نموًا متسارعًا، فالمملكة المتحدة تبرز بموقف استثماري قوي، حيث تتوقع مؤسساتها نمو ميزانياتها بنسبة 31% في 2025، كما تركز ألمانيا على حماية قاعدتها الصناعية الضخمة، بينما تشهد اليابان تحولاً استراتيجيًا نحو “الدفاع السيبراني النشط” لمواجهة التهديدات التي ترعاها الدول.
ويكشف هذا المشهد عن مفارقة مثيرة للاهتمام؛ فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تتصدر الإنفاق المطلق، إلا أنها غالبًا ما تتخلف في مؤشرات الجاهزية السيبرانية عن دول أصغر حجمًا وأكثر مرونة مثل بلجيكا وإستونيا، مما يثبت أن طريقة إنفاق الأموال وتنسيق الاستراتيجية الوطنية أكثر أهمية من حجم الميزانية وحدها.
يعكس السوق السعودي هذا الزخم العالمي، حيث برزت المملكة كبيئة خصبة لنمو شركات متخصصة تقدم حلولًا متطورة.
ويشير الخبراء أن أفضل شركات الأمن السيبراني هي تلك التي تجمع بين الخبرة العالمية والفهم العميق للوائح المحلية واحتياجات السوق السعودي. وتتنوع الخدمات المقدمة لتشمل التقييمات الاستباقية، والاستجابة للحوادث، والاستشارات الاستراتيجية، والتدريب.
وتبرز في هذا المشهد شركات مثل “Qualysec” التي تقدم خدمات شاملة من تقييمات الضعف إلى الاستشارات الأمنية، وتتمتع بثقة العديد من القطاعات لقدرتها على تحديد المخاطر بشكل استباقي.
كما تعد “SAT Microsystems”، التي تعمل في السوق منذ عام 2005، خيارًا موثوقًا للجهات الحكومية والخاصة بفضل خبرتها في تلبية متطلبات الامتثال المحلية.
ومن بين أفضل شركات الأمن السيبراني أيضًا، تبرز شركة “Haboob” التي تقدم نموذجًا فريدًا يجمع بين الخدمات الأمنية وبرامج التدريب، بهدف بناء ثقافة الأمن السيبراني داخل المؤسسات.
وتتخصص شركات أخرى في مجالات دقيقة، فشركة “Security Matterz” تركز على الحوكمة وإدارة المخاطر للقطاعات المالية والحكومية الكبرى، بينما تقدم “CyberStone” خدمات أمنية مُدارة مع مراقبة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، أما الشركات الناشئة والتقنية فتجد ضالتها في “LoopTech” التي تتخصص في أمن التطبيقات السحابية وأدوات الأتمتة.