تواجه إمدادات الطاقة العالمية، خطراً محدقاً يهدد الجهود الدولية الرامية لاستقرار أسواقها، جراء استمرار الاعتداءات الحوثية على مرافق النفط في المملكة العربية
السعودية، التي تعد أحد أكبر مُصدري النفط في العالم.
وتعرضت محطات للنفط والغاز بجنوب وغرب السعودية، الأحد 20 مارس الجاري، لهجمات حوثية إرهابية بطائرات مُسيَّرة عن بُعد، ما أدى إلى انخفاض إنتاج شركة ينبع ساينوبك للتكرير “ياسرف” بشكل مؤقت حسب بيان سعودي رسمي. ويأتي الاعتداء الحوثي ضمن سلسلة هجمات متكررة تستهدف آبار ومصافي النفط السعودية، منها هجوم طائرات مسيرة عام 2021م، على مصفاة الرياض لتكرير النفط ما أدى إلى اندلاع النيران، أما في سبتمبر عام 2019م، فتسببت هجمات غير مسبوقة ضد منشآت لشركة أرامكو السعودية، في توقف حوالي نصف الإنتاج لأيام، كما استهدف الحوثيون محطة توزيع للمنتجات البترولية تابعة لشركة أرامكو في شمال مدينة جدة، في نوفمبر عام 2020.
وتضع الهجمات الحوثية الاقتصاد العالمي أمام شبح الشلل والتضخم، جراء نقص الإمدادات النفطية القادمة من السعودية والمُقدرة حالياً بنحو 10 ملايين برميل يومياً، بما ينعكس سلباً على الأسعار والأسواق، في الوقت الذي تعاني خلاله من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وآثار جائحة فيروس كورونا المستجد.
تحذير سعودي
وفي هذا الصدد، صرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، بأن بلاده تعلن أنها لن تتحمل مسؤولية أي نقص في إمدادات البترول للأسواق العالمية في ظل الهجمات التي تتعرض لها منشآتها النفطية من المليشيات الحوثية الإرهابية.
وحذر المصدر السعودي، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية، من أن الاعتداءات الحوثية ستؤثر على قدرة المملكة الإنتاجية وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها؛ الأمر الذي يهدد أمن واستقرار إمدادات الطاقة إلى الأسواق العالمية.
ونبه المصدر المجتمع الدولي إلى أهمية الاضطلاع بمسؤوليته في المحافظة على إمدادات الطاقة ووقوفه بحزم ضد المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران وردعها عن هجماتها التخريبية، التي تشكل تهديداً مباشراً لأمن الإمدادات البترولية في هذه الظروف بالغة الحساسية التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية.
دلالات خطيرة
تحمل الهجمات الحوثية المُكثفة ضد مصافي النفط السعودية، دلالات عديدة، يتقدمها توقيت هذه الاعتداءات في ظل المفاوضات الجارية مع إيران بشأن الاتفاق النووي، إذ يرى مراقبون أن إيران تزج بوكلائها الحوثيين لتهديد الإمدادات النفطية السعودية، بهدف إجبار الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على تقديم تنازلات في الاتفاق، ومن ثم محاولة إزالة العقوبات المفروضة على تصدير النفط الإيراني، الذي انخفض في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى “درجة صفرية”؛ ما دفع طهران للجوء إلى سوق التهريب السوداء، كما تُرسل طهران رسالة للمفاوضين الأوروبيين تفيد بأنها تملك القدرة على تعطيل الصادرات النفطية السعودية في أي وقت وبشكل غير مباشر.
ومن حيث التوقيت أيضاً، تحمل الهجمات الحوثية رسالة استباقية، مفادها أن مليشيات الحوثي تعلن صراحة أن خيارها في الفترة الحالية هو “استمرار التصعيد الهجومي” ضد قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والذي تقوده الرياض، ما يعني- حسب مراقبين – أن المليشيات ستواصل عملياتها الهجومية بشكل أوسع رافضة الانخراط في أي عملية تسوية، على الرغم من المحاولات الجارية التي تقودها أطراف خليجية لتسوية الأزمة اليمنية.
وتتفق هذه الدلالة مع ما تبثه قوات التحالف من رسائل سياسية تفيد بأن المليشيات الحوثية كثفت عملياتها العسكرية ضد قوات الجيش الوطني اليمني للسيطرة على مناطق إضافية في مختلف مناطق اليمن، وليس في مأرب فقط.
وأياً كانت الأهداف الجيوسياسية الحوثية، فإنها تضر بمصالح الدولة المستوردة للنفط مثل الصين وأوروبا والولايات المتحدة، لما لها من تداعيات تقوض الأمن والاستقرار في المنطقة، في الوقت الذي تستجدي خلاله القوى الغربية الرياض من أجل زيادة الإنتاج النفطي، للمساعدة على خفض الأسعار الحالية التي قفزت على وقع حرب أوكرانيا، في ظل حالة القلق التي تسود الأسواق العالمية، لا سيما كون روسيا أحد المنتجين الأساسيين للنفط والغاز في العالم.
ومع استمرار الهجمات الحوثية، قد يتسبب ذلك في خفض الإنتاج السعودي الضخم، ومن ثم ارتفاع أسعار النفط التي ستؤثر بدورها على ارتفاع نسب التضخم العالمي وتضعف معدلات النمو الاقتصادي، فضلاً عن الآثار البيئية التي من الممكن أن تطرأ في حالة تطور التصعيد الإيراني الحوثي، ليطول سواحل المنطقة ويعرضها لخطر التسرب النفطي في الممرات المائية في الخليج العربي والبحر الأحمر، الأمر الذي قد يسبب كوراث بيئية ربما تمتد لسنوات.
اقرأ أيضاَ
أهم أخبار العالم اليوم.. “التعاون الخليجي” يدرس التشاور مع الحوثيين والهند تحظر الحجاب
ماذا حدث بعد هجوم الحوثيين على مطار سعودي اليوم؟
بايدن: سأفعل كل شيء لدعم السعودية والإمارات في مواجهة الحوثيين